التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً
٦٢
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً
٦٣
قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً
٦٤
فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً
٦٥
قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً
٦٦
قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً
٦٧
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً
٦٨
قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً
٦٩
قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً
٧٠
فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً
٧١
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً
٧٢
قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً
٧٣
فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً
٧٤
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً
٧٥
قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً
٧٦
فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً
٧٧
قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً
٧٨
أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً
٧٩
وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً
٨٠
فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً
٨١
وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً
٨٢
-الكهف

تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور

1696- حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن قتادة أنه قيل له: إن آية لقيك إكياه أن تَنْسَى بعض متاعك، فَخَرَجَ هو وفتاه، يُوشع بن نن، وتزوّدوا حوتاً مملوحاً حتى إذا كانا حيث شاء الله، ردَّ الله إلى الحوت روحه، فسرب في البحر، فاتخذ الحوت طريقه في البحر سرباً، فسرب فيه، فلما جاوزا، قال: لفتاه: { آتِنَا غَدَآءَنَا }: [الآية: 62]، حتى بلغ: { وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً }: [الآية: 63]، فكان موسى اتخذ سبيله في البحر عجباً، فجعل يعجب من سرب الحوت.
1697- حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قا ل: لما اقتصً موسى أثر الحوت انتهى إلى رجل راقد، قد سجى عليه ثوبه، فسلم عليه موسى، فكشف الرجل عن وجهه الثوب، فرد عليه السلام، ثم قال له: من أنت؟ قال: أنا موسى، قال: أصاحب بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: أو ما كان لك من بني إسرائيل شغل؟ قال: بلى، ولكني أمرت أن آتيك وأصحبك { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً }: [الآية: 67]، كما قص الله عليك حتى بلغ فلما { رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا }: [الآية: 71]، قال موسى: { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً }: [الآية: 71]، يقول: نكراً، { قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ }: [الآيات: 73-74].
قال معمر، وقال اتحلسن: تائبة. قال أبو إسحاق في حديثه: { لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } حتى بلغ: { وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً }: [الآيات: 74-79].
1698- حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن ليث، عن طاوس، أن رجلاً ابتاع خمراً وحمله إلى أرض الهند، فلما دنا منهم صبَ عليه ماء مثله ثم باعه، وجعل ثمنه في كيس، ثم ربطه في دقل، ثم ساروا وكان معهم قرد في السفينة، فصعد القرد حتى استوى على رأس الدقل، ثم أخذ الكيس ففتحه، فجعل يلقي في السفينة درهماً وفي البحر درهماً، حتى أتى على آخره.
1699- عبد الرزاق، وقال معمر، وقال قتادة: أمامهم، ألا ترى أنه يقول:
{ مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ } : [الجاثية: 10]، ومن بين يديه، وفي حرف ابن مسعود { وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً }: [الآية: 79]. [{ وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ ... وَكُفْراً }] [الآية: 80]، وفي حرف أبي بن كعب: { فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ... (*) فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً }: [الآيات: 80-81]، أبر بوالديه { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا }: [الآية: 82]، قال: مال هما.
1700- حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن قتادة: أُحِلَّ الكنز لمن كان قبلنا، وحُرِّم علينا، وحُرِّمت الغنيمة على من كان قبلنا، وأُحلت لنا.
1703- حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا ابن عيينة، عن حميد، عن مجاهدٍ، في قوله: { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا }: [الآية: 82]، قال: صحف من علم.
1704- حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا انب عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس أن نوفاً يزعم أن موسى ليس بصاحب الخضر، فقال: كذب عدو الله، أخبرنا أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن موسى كان خطيباً في بني إسرائيل فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله. قال الله: بل عبد لي عند مجمع البحرين. قال: رب وكيف به؟ قال: تأخذ حوتاً فتجعله في مكتل حيث يفارقك الحوت فهو ثمَّ، ثم قال: فأخذ حوتاً فجعله في مكتل ثم انطلق هو وفتاه يمشيان، قال لفتاه: حيث يفارقك الحوت فآذِنِّي، حتى إذا أتيا الصخرة رقد موسى، فاضطرب الحوت في المكتل، فخرج ووقع في الماء، فأمسك الله عنه جريه الماء مثل الطوق، ومد إبهامه والتي تليها وفتحها، قال: فنسي أن يخبره، قال: فانطلقا حتى إذا كان من الغد، قال موسى لفتاه: { آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً }: [الآية: 62]، قال: ولم يجد النصب حتى جاوز حيث أمر الله: { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ }: [الآية: 63]، حتى بلغ { فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً }: [الآيات: 63-64]، قال: يقصان آثارهما حتى أتيا الصخرة، فإذا هما برجل مسجى عليه ثوب، فسمل موسى فرد عليه وقال: وأنَّى بأرضك من سلام؟ قال: من أنت؟ قال: أنا موسى، قال: أموسى بني إسرائيل؟ قال: نعم؟ قال: فما شأنك؟ قال: جئتك لتعلمني مما علمت رشداً؟ قال: وما يكفيك أن التوراة بيدك، وأن الوحي يأتيك! قال: أنا على علم من علم الله عملنيه الله لا تعلمه، وإنك على علم من علم الله عَلَّمَكَهُ لا أعلمه. [قال له موسى عليه السلام: { هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً }: [الآية: 66] حتى بلغ { وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً }: [الآية: 69]، قال فانطلقا يمشيان على الساحل، فعرف الخضر فحمل بغير نول، فلما ركبا في السفينة جاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر من الماء، فقال: ما ينقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثلما نقص هذا العصفور من البحر.
قال: فبينما هم في السفينة، لم يصح موسى إلا وهو يريد أو إذا هو يريد أن يخرقها، قال: حسبت أنه قال: ويدْفقها براً، فقال: حلمنا بغير نول، وتريد أن تخرقها: { لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا }: [الآية: 71]، إلى: { وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً }: [الآية: 73]، فكانت الأولى نسياناً، { لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ }: [الآية: 73]، فخرجا حتى لقيا غلاماً يلعب مع الغلمان، فقال بيده هكذا، كأنه اجتبذ رأسه، فقطع رأسه فقال له: { أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ } إلى قوله: { فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ }: [الآيات: 74-77]، وقال بيده هكذا، وعدله بيده، فقال له موسى: لم يضيفونا، و{ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً * قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ }: [الآيات: 77-78].
قال النبي صلى الله عليه وسلم: وودنا أن موسى صبر، قال: عمرو: كان ابن عباس يقرأ: { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ ... وَكُفْراً }: [الآية: 80]، وكان يقرأ: { وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً }: [الآية: 79].
1705- قال عبد الرزاق: فتناول رأس الغلام بثلاث أصابع: الإبهام واللتان تليانها.
1706- قال عبد الرزاق: فاخبرني إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن حبيب بن حمان بن الأسدي، قال: أتى رجل فسأل علياً وأنا عنده، عن ذي القرنين فقال: هو عبد صالح ناصح لله، فأطاع الله، فسخَّر له السحاب، فحمله عليه، ودَّ له في الأسباب، وبسط له في النور. ثم قال للرجل: أيسرك أن أزيدك، فسكت الرجل وجلس.
1711- عبد الرزاق، قال: أنبأنا الثوري، عن أبي إسحاق، أن ابن عباس قال في قوله تعالى: { لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ }: [الآية: 74]، قال: طبع الغلام كافراً.