التفاسير

< >
عرض

لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ
١٨٦
-آل عمران

تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور

496- عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن الزهري في قوله تعالى: { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً }: [الآية: 186]، قال: هو كعب بن الأشرف، وكان يُحَرِّض المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شِعْرِهِ، ويهجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانطلق إليه خمسة نفسر من الأنصار، فيهم محمد بن مسلمة، ورجل آخر يقال له أبو عبس، فأتوه وهو في مجلس قومه بالعوالي، فلما رآهم ذُعِرَ منهم وأنكر شأنهم، وقالوا: جئناك لحاجة! قال: فلْيدْنُ إليَّ بعضكم فليحدثني بحاجته، فجاءه رجل منهم فقال: جئناك لنبيعك أدرعاً عندنا لِنَسْتَنْفِقَ بها قال: والله لئن فعلتم لقد جهدتهم منذ نزل بكم هذا الرجل، فَواعَدوه أن يأتوه عشاء حين يَهْدَأ عنهم الناس، فأتوه فنادوه، فقالت امرأته: ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه شيء مما تحبّ! أهم قد حدثوني بحديثهم وشأنهم.
قال معمر عن أيوب، عن عِكْرِمة: إنه أشرف عليهم فكلمهم فقال: ما تَرْهنوني؟ أترهنوني أبناءكم؟ وأردوا أن يبيعهم تمراً. فقالوا: إنا نَسْتَحْيِي أن تُعَيَّر أبناؤنا فيقال: "هذا رهينة وَسْقٍ، وهذا رهنية وَسْقَيْن" فقال: أترهنوني نساءكم؟ فقالوا: أنت أجمل الناس ولا نأمنك! وأيّ امرأة تمتنع منك لجمالك! ولكنا نَرْهُنكَ سلاحنا، فقد علمت حاجتنا إلى السلاح اليوم. فقال: نعم ائتوني بسلاحكم واحتملوا ما شئتم، قالوا: فانزِل إلينا نأخذ عليك وتأخذ علينا، فذهب ينزل فتعلقت به امرأته فقالت: أرسل إلى أمثالهم من قومك فَيكونوا معك. فقال: لو وجدوني هؤلاء نائماً ما أيقظوني! قالت: فَكَلِّمهم من فوق البيت، فأبى عليها، قال: فنزل إليهم يفوح ريحه، قالوا: ما هذه الريح يا أبا فلان؟ قال: هذا عطر أم فلان! لامرأته. فدنا إليه بعضهم لِيَشْتَمَّ رأسه ثم اعتنقه، ثم قال: اقتلوا عدو الله! فطعنه أبو عبس في خاصرته، وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف، فقتلوه ثم رجعوا. فأصبحت اليهود مذعورين، فجاؤوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: قتل سيدنا غِيلةً! فَذَكَّرهُم النبي صلى الله عليه وسلم صنيعه، وما كان يُحرِّض عليهم ويحرض في قتالهم ويؤذيهم به، ثم دعاهم أن يكتب بينه وبينهم صلحاً، قال: وكان ذلك الكتاب مع عليّ بعد.