التفاسير

< >
عرض

قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ
٤
ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ
٥
إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ
٦
وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ
٧
وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ
٨
-البروج

تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور

3570- عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ }: [الآية: 4]، قال: ي عني القاتلين الذين قُتِلُوا.
3571- حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، قال كانَ النبي صلى الله عليه وسلم إذا صَلّى العصر هَمَسَ، والهمس في قول بعضهم: تحرك شفتيه يتكلم بشيء، فقيل له: يا نبي الله، إ نك إذا صَلَّيْتَ العصر هَمَسْتَ فقال: "إنَّ نبياً من الأنبياء كان أعجب بأُمته فقال: من يقوم لهؤلاء؟ فأوحى الله إليه أن خيرهم بين أن أنتقم مِنْهُم، وبين أن أُسلط عليهم عَدُوّهم، فاختاروا النِّقمة، قال: فسلَّط الله عليهم الموت. قال: فمات منهم في يوم سبعون ألفاً. قال: وكان إذا حدَّث هذا الحديث، حدَّث بهذا الحديث الآخر. قال: كان ملك من الملوك له كاهن يتكهن لهم، فقال: ذلِكَ الكاهِنُ: انظروا إليَّ غلاماً فهماً فَطِناً أو قال لقيناً، فأعلمه على هذا؛ فإني أخاف أن أموت، فينقطع منكم هذا العلم فلا يكون من من يعلمه، قال: فنظروا له غلاماً على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن، وأن يختلف عليه. قال: فجعل الغلام يختلف إليه، قال: وكان على طريق الغلام راهب في صومعة له، قال: معمر: وأحسب أن أصحاب الصَّوامِعِ يومئذٍ كانوا مسلِمين، قال: فجعل الغلام يسأل الراهب، كلما مرَّ به فلم يزل به حتى أخْبَرَهُ، فقال إنما أَعْبُدُ الله، قال: فحعل الغلام يمكث عند الراهب ويبطئ عن الكاهن، قال: فأرسل الكاهن إلى أهْل الغلام أنه لا يكاد يحضرني، قال: فأخبر الغلام الراهب بذلك، فقال له الراهب، إذا قال لك الكاهن: أين كنت؟ فقل عند أهْلِي، وإذا قال أهلك أَيْن كنت؟ فقل: إنك كنت عند الكاهن قال: فينما الغلام على ذلك، إذ مرَّ بجماعة من الناس كبيرة، قد حبستهم دابة، قال بعضهم: إن هذه الدابة كانت أسداً، قال: فأخذ الغلام حجراً، فقال: اللهم إن كان ما يقول الراهب حَقّاً، فأسْأَلك أن أقتل هذه الدابة، وإن كان ما يقوله الكاهن حقاً، فأسألك أن لا أقتلها، ثم رَمى فقتل الدابة، فقال الناس: ممن قتلها؟ فقالوا: الغعلام، فَفَزعَ الناس إليه، وقالوا: قَدْ عَلِمَ هذا الغلام علماً لم يعلمه أحَدٌ. ق ال: فَسَمِعَ به أعمى، فجاءه، فقال له الأعمى: إن أنت رددت عليَّ بصري، فإنَّ لك كذا وكذا، فقال الغلام لا أريد مِنْكَ هذا، ولكن أرَأَيْتَ إنْ رجع إليك بصرك أتؤمن بالذي رَدَّه عليك؟ قال: نعم. قال: فدع الله فرد إليه بصَرَه، قال: فآمَن الأعمى، قال: فبلغ الملك أمرهم فبعث إليهم فأُتِيَ بهم، فقال: لأقتلنَّ كل واحدٍ منكم قتلة لا أقتل بها صاحبه. قال: فأمر بالراهب، وبالرجل الذي كانَ أعْمَى، فوضع المنشار على مِفْرق أحدهما فقتله، وقتل الآخر بقتلةٍ أخرى، ثم أمر بالغلام، فقال: انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فألقوه من رأسه، قال: فانطلقوا إلى ذلك الجبل، فلما انتهوا به إلى ذلك الموضع الذي أرادوا، جعلوا يتهافتون من ذَلِكَ الجبل، ويتردونَ منه حتى لم يبق منهم إلا الغلام. قال: ثم رجع الغلام، فأَمَرَ به الملك، فقال: انطلقوا به إلى البحر فألقوه فيه، فانطلقوا به إلى البحر: فأغْرَق الله الذين كانوا معه وأنجاه، فقال الغلام أنت لا تقتلني حتى تصلبني، ثم ترميني، فتقول إذا رميتني: باسم رب الغلام، قال: فأمر به فصُلِبَ ثم رَمَاهُ، فقال: باسم رب الغلام، قال: فوضع الغلام يده على صدغه حى رمي ثم مات. قال: فقال الناسُ: لقد علم هذه الغلام علماً ما علمه أحد، وإنا نؤمن برب هذا الغلام، فقيل للملك: أجزعت أن خالفك ثلاثة؟ فهذا العالم كلهم قد خالَفُوكَ، فَخدَّ أخدوداً، ثم ألقى فيها الحطب والنَّارَ، ثم جمع الناس عليها، فقال: من رجع إلى دينه تركناه، ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النَّارِ، فجعل يلقيهم في ذَلِكَ الأخدود، فيقول الله تبارك وتعالى: { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ * ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ }: [الآيات من 4-8]، قال: فأما الغلام فإنه دفن فذكر أنه أخرج في زمان عمر بن الخطاب، وإصبعه على صدغه، كما كَانَ وضعها حين قتل".