التفاسير

< >
عرض

قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
٥٨
-يونس

محاسن التأويل

{ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ } يعني القرآن الذي أكرموا به: { وَبِرَحْمَتِهِ } يعني الإسلام: { فَبِذَلِكَ } أي: فبمجيئهما: { فَلْيَفْرَحُواْ } أي: لا بالأمور الفانية القليلة المقدار، الدنيئة القدر والوقع: { هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أي: من الأموال وأسباب الشهوات، إذ لا ينتفع بجميعها ولا يدوم، ويفوت به اللذات الباقية، بحيث يحال بينهم وبين ما يشتهون.
والفاء داخلة في جواب شرط مقدر، كأنه قيل: إن فرحوا بشيء فبهما فليفرحوا، أو هي رابطة لما بعدها بما قبلها، لدلالتها على تسبب ما بعدها عما قبلها. والفاء الثانية زائدة لتأكيد الأولى، أو الزائدة الأولى، لأن جواب الشرط في الحقيقة: { فَلْيَفْرَحُواْ } و ( بِذَلِكَ ) مقدم من تأخير، وزيدت فيه الفاء للتحسين. وكذلك جوز أن يكون بدلاً من قوله: { بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ }.
ثم بيَّن تعالى أن من فضله على الناس تبيين الحرام من الحلال على ألسنة الرسل لئلا يفتروا عليه الكذب بتحريم ما أحل أو عكسه، كما فعل المشركون، بقوله سبحانه:
{ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً ... }.