التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
٦
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ
٧
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
٨
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ
٩
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ
١٠
نَارٌ حَامِيَةٌ
١١
-القارعة

محاسن التأويل

{ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } قال ابن جرير: أي: فأما من ثقلت موازين حسناته، يعني بالموازين الوزن. والعرب تقول: لك عندي درهم بميزان درهمك، ويقولون: داري بميزان دارك ووزن دارك، يراد حذاء دارك. قال الشاعر:

قد كنتُ قبل لقائكم ذا مِرَّة عندي لكلِّ مخاصم ميزانُهُ

يعني بقوله: ميزانه كلامه وما ينقض عليه حجته. وكان مجاهد يقول: ليس ميزان إنما هو مثل ضرب. انتهى.
وعليه فالموازين جمع ميزان. وجوز كونهُ جمع موزون، وهو العمل الذي له خطر ووزن عند الله تعالى. ومعنى قوله: { فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } أي: في عيشة قد رضيها في الجنة، فـ { رَّاضِيَةٍ } بمعنى مرضية على التجوز في الكلمة نفسها أو في إسنادها، أو استعارة مكنية وتخييلية.
{ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } أي: وزن حسناته.
{ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } أي: فمأواه ومسكنه الهاوية التي يهوي فيها على رأسه في جهنم.
قال الشهاب: فسمى المأوى أُمّاً على التشبيه تهكماً؛ لأن أم الولد مأواه ومقره. وفي "التأويلات": قيل المراد أم رأسه، أي: يلقى في النار منكوساً على رأسه. انتهى.
والأول هو الموافق لقوله: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ } فإنه تقرير لها بعد إبهامها، والإشعار بخروجها عن الحدود المعهودة للتهويل. أصل { مَا هِيَهْ } ماهي، كناية عن الهاوية فأدخل في آخرها هاء السكت وقفاً. وتحذف وصلاً، وقد أجيز إثباتها مع الوصل.