التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٦
-هود

محاسن التأويل

{ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا } أي: وحبط في الآخرة ما صنعوه، أن لم يكن لهم ثواب عليه. وجوز تعلق الظرف بـ ( صنعوا ) والضمير للدنيا. كما عاد عليه في قوله: { { نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } [هود: 15]، { وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي: كان عملهم في نفسه باطلاً؛ لأنه لم يعمل لغرض صحيح.
ونظير هذه الآية قوله تعالى:
{ { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً } [الإسراء: 18 - 20]، وقوله تعالى: { { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } [الشورى: 20].
لطيفة
في إعراب ( باطل ) وجهان:
الأول: كونه خبراً مقدماً، و ( ما كانوا ) مبتدأ مؤخراً، و ( ما ) مصدرية أو موصولة، والكلام من عطف الجمل.
والثاني: كونه عطفاً على الأخبار قبله، أي: أولئك باطل ما كانوا يعملون.
و: { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فاعل بـ ( باطل ) ورجح هذا بقراءة زيد بن علي رضي الله عنهما، ( وَبَطَلَ ) ماضياً معطوفاً على ( حَبِطَ ).
ثم أشار تعالى إلى صفة المؤمنين في مقابلة أولئك بقوله سبحانه:
{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ ... }.