التفاسير

< >
عرض

ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
١٢٥
-النحل

محاسن التأويل

{ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ } أي: بالمقالة المحكمة الصحيحة. وهو الدليل الموضح للحق، المزيح للشبهة: { وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } أي: العبر اللطيفة والوقائع المخيفة، ليحذروا بأسه تعالى: { وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي: جادل معانديهم بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة، من الرفق واللين، وحسن الخطاب، من غير عنف، فإن ذلك أبلغ في تسكين لهبهم. وقوله تعالى: { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } أي: عليك البلاغ والدعوة بالصفة المبينة، فلا تذهب نفسك على من ضلَّ منهم حسرات، فإنه ليس عليك هُدَاهُمْ؛ لأنه هو أعلم بمن يبقى على الضلال وبمن يهتدي إليه، فيجازي كلاً منهما بما يستحقه. أو المعنى: اسلك في الدعوة والمناظرة الطريقة المذكورة. فإن الله تعالى هو أعلم بحال من لا يرعوي عن الضلال بموجب استعداده المكتسب. وبحال من يصير أمره إلى الاهتداء لما فيه من خير جبلِّي. فما شرعه لك في الدعوة، هو الذي تقتضيه الحكمة. فإنه كاف في هداية المهتدين وإزالة عذر الضالين. أفاده أبو السعود.
تنبيه
دلَّ قوله تعالى: { وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } على الحث على الإنصاف في المناظرة، وإتباع الحق، والرفق والمداراة، على وجه يظهر منه أن القصد إثبات الحق وإزهاق الباطل، وأن لا غرض سواه.