التفاسير

< >
عرض

وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ
٥٢
وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ
٥٣
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٥٤
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٥٥
-النحل

محاسن التأويل

{ وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } معطوف على قوله: { إِنَّمَا هوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ } أو على الخبر، أو مستأنف { وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً } أي: العبادة لازمة له وحده. ولزومها له ينافي خوف الغير؛ إذ يقتضي تخصيصه تعالى بالرهبة والخشية، وهذا كقوله: { { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } [آل عِمْرَان: 83]. { أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ } أي: وهو مالك النفع والضر. { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } أي فمن فضله وإحسانه: { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } أي: لا تتضرعون إلا إليه؛ لعلمكم أنه لا يقدر على كشفه إلا هو سبحانه. والجؤار: رفع الصوت. يقال: جأر إذا أفرط في الدعاء والتضرع، وأصله صياح الوحش.
{ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } أي: بنسبة النعمة إلى غيره ورؤيتها منه. وكذا بنسبة الضر إلى الغير، وإحالة الذنب في ذلك عليه، والاستعانة في رفعه به. وذلك هو كفران النعمة، والغفلة عن المنعم المشار إليهما بقوله: { لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ } أي: من نعمة الكشف عنهم. واللام للعاقبة والصيرورة: { فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي: وبال ذلك الكفر. وفيه إشعار بشدة الوعيد، وأنه إنما يعلم بالمشاهدة، ولا يمكن وصفه، فلذا أبهم.
وللقاشانيِّ وجه آخر، قال: أو فسوف تعلمون، بظهور التوحيد، أن لا تأثير لغير الله في شيء. ثم بيَّن تعالى من مثالب المشركين بقوله:
{ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ ... }.