التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً
٢٠
-الكهف

محاسن التأويل

{ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ } يطلعوا على مكانكم: { يَرْجُمُوكُمْ } أي: يقتلوكم بالحجارة: { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } أي: يدخلوكم فيها بالإكراه العنيف: { وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً } أي: إذا صرتم إلى ملتهم. قال القاشاني: ظهور العوام، واستيلاء المقلدة والحشوية المحجوبين، وأهل الباطل المطبوعين، ورجمهم أهل الحق، ودعوتهم إياهم إلى ملتهم - ظاهر. كما كان في أوائل البعثة النبوية.
لطائف:
الأولى: قال الزمخشري: فإن قلت: كيف وصلوا قولهم فابعثوا بتذاكر حديث المدة؟ قلت: كأنهم قالوا ربكم أعلم بذلك. لا طريق لكم في علمه. فخذوا في شيء آخر مما يهمكم. انتهى.
ورأى المهايمي أن قولهم: { فَابْعَثُواْ } من تتمة حديث المدة. قصد به تفحصها. كأنهم لما أحالوا تعيينها على الله تعالى بقوله: { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } قالوا هذه الإحالة لا تمنع من طلب العلم بالمدة. ولو في ضمن أمر آخر، فاطلبوه في ضمن حاجة لنا. وهي أن تبعثوا أحدكم. بورقكم هذه لئلا نحوج إلى السؤال عن المدة. لا سيما في مكان يمنع من الإجابة إلى المسؤول به، فيفضي إلى الهلاك.
الثانية: قال في " الإكليل ": قوله تعالى: { فَابْعَثُواْ } الآية، أصل في الوكالة والنيابة. قال ابن العربي: وهي أقوى آية في ذلك.
قال الكيا: وفيها دليل على جواز خلط دراهم الجماعة والشراء بها والأكل من الطعام بينهم بالشركة. وإن تفاوتوا في الأكل.
الثالثة: دل قوله تعالى عنهم: { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً } على مشروعية استجادة الطعام واستطابته بأقصى ما يمكن، لصيغة التفضيل. فإن الغذاء الأزكى المتوفر فيه الشروط الصحية يفيد الجسم ولا يتعبه ولا يكدره. ولذلك يجب طبّاً الاعتناء بجودته وتزكيته، كما فصّل في قوانين الصحة.
الرابعة قال الرازي: الرجم بمعنى القتل، كثير في التنزيل كقوله:
{ { وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ } [هود: 91] وقوله: { { أَنْ تَرْجُمُونِ } [الدخان: 20]، وأصله الرمي، أي: بالرجام وهي الحجارة. ولا يبعد إرادة الحقيقة في موارده كلها، زيادة في التهويل. فإن الرجم أخبث أنواع القتل. وقوله تعالى: { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا .... }.