التفاسير

< >
عرض

وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
٢٨
-الكهف

محاسن التأويل

{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ } أي: احبسها وثبّتها: { مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ } أي: مع أصحابك الذين يذكرونه سبحانه طرفي النهار، بملازمة الصلاة فيهما: { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } أي: ذاته طلباً لمرضاته وطاعته، لا عرضاً من أعراض الدنيا: { وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } أي: لا تجاوز نظرك إلى غيرهم بالإعراض عنهم: { تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: تطلب مجالسة الأشراف والأغنياء تألفاً لقلوبهم: { وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا } أي: جعلناه غافلاً لبطلان استعداده للذكر بالمرة. أو وجدناه غافلاً عنه. وذلك لئلا يؤديك إلى الغفلة عنه: { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } أي: متروكاً متهاوناً به مضيَّعاً. أو ندماً أو سرفاً. وفي التعبير عن المأمور بالصبر معهم والمنهي عن إطاعتهم، بالموصول، للإيذان بعلّية ما في حيز الصلة.
قال ابن جرير: إن قوماً من أشراف المشركين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم جالساً مع خَبَّاب وصهيب وبلال. فسألوه أن يقيمهم عنه إذا حضروا. وفي رواية ابن زيد: أنهم قالوا له صلوات الله عليه: إنا نستحي أن نجالس فلاناً وفلاناً وفلاناً، فجانبْهم وجالس أشراف العرب، فنزلت الآية: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ }. وروى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر. فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت اسميهما فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع. فحدّث نفسه. فأنزل الله عز وجل: { وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } الآية.
قال ابن كثير: انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري. وقوله تعالى: { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ.. }.