التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
-البقرة

محاسن التأويل

أعلم أن للناس في هذا وما يجري مجراه من الفواتح مذهبين:
الأول: أن هذا علم مستور، وسرّ محجوب، استأثر الله تبارك وتعالى به ؛ فهو من المتشابه. ولم يرتض هذا كثير من المحققين وقالوا: لا يجوز أن يرد في كتاب الله تعالى ما لا يكون مفهوماً للخلق، واحتجوا بأدلة عقلية ونقلية، بسطها العلامة الفخر.
المذهب الثاني: مذهب من فسرها، وتكلم فيما يصح أن يكون مراداً منها، وهو ما للجمهور. وفيه وجهان:
الأول: وعليه الأكثر ؛ أنها أسماء للسور.
الثاني: أن يكون ورود الأسماء هكذا مسرودة على نمط التعديد: كالإيقاظ وقرع العصا لمن تُحُدِّي بالقرآن وبغرابة نظمه، وكالتحريك لنظر في أن هذا المتلوّ عليهم - وقد عجزوا عنه عن آخرهم - كلام منظوم من عين ما ينظمون منه كلامهم، ليؤديهم النظر إلى أن يستيقنوا أن لم تتساقط مقدرتهم دونه، ولم تظهر معجزتهم عن أن يأتوا بمثله - بعد المراجعات المتطاولة - وهم أمراء الكلام، وزعماء الحوار، وهم الحراص على التساجل في اقتضاب الخطب، والمتهالكون على الاقتنان في القصيد والرجز، ولم يبلغ من الجزلة وحسن النظم المبالغ التي بزت بلاغة كل ناطق، وشقت غبار كل سابق، ولم يتجاوز الحد الخارج من قوى الفصحاء، ولم يقع وراء مطامح أَعْيَن البصراء إلاَّ لأنه ليس بكلام البشر، وإنه كلام خالق القوى والقدر. قاله الزمخشري.