التفاسير

< >
عرض

وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
١٩٦
-البقرة

محاسن التأويل

{ وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ } أي: أدوهما تامين بمناسكهما المشروعة لوجه الله تعالى.
قال الراغب: قيل: { أَتِمُّواْ } خطاب لمن خرج حاجاً أو معتمراً، فأمر أن لا يصرف وجهه حتى يتمهما. وإليه ذهب أبو حنيفةرحمه الله ، واحتج به في وجوب إتمام كل عبادة دخل فيها الإِنْسَاْن متنفلاً، وأنه متى أفسدها وجب قضاؤها. وقيل: إنه خطاب لهم ولمن لم يتلبس بالعبادة. وذكر لفظ الإتمام تنبيه على توفية حقها وإكمال شرائطها، وعلى هذا قوله تعالى:
{ { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } [البقرة: 187] وإلى هذا ذهب الشافعيرحمه الله واحتج به في وجوب العمرة. وإنما قال في الحج والعمرة: { لله } ولم يقل ذلك في الصلاة والزكاة؛ من أجل أنهم كانوا يتقربون ببعض أفعال الحج والعمرة إلى أصنامهم، فخصهما بالذكر لله تعالى حثاً على الإخلاص فيهما، ومجانبة ذلك الاعتقاد المحظور.
{ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } أي: حبسكم عدو عن إتمام الحجج أو العمرة وأردتم التحلل: { فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } أي: فعليكم، أو فالواجب، أو فأهدوا ما استيسر؛ يقال: يسُر الأمر واستيسر، كما يقال: صعب واستصعب. والهدي بتخفيف الياء وتشديدها: جمع هدْية وهديّة، وهو: ما أهدي إلى مكة من النعم لينحر تقرباً به إلى الله. قال ثعلب: الهدي بالتخفيف، لغة أهل الحجاز. والتثقيل على فعيل، لغة بني تميم، وسفلى قيس. وقد قرئ بالوجهين جميعاً في الآية. وشاهد الهديّ مثقلاً من كلامهم قول الفرزدق:

حَلَفتُ بربِّ مكة والمصَلَّى وَأَعنَاقِ الهديِّ مقلّدَاتِ

وشاهد الهدية كذلك، قول ساعدة بن جؤيّة:

إني وأيديهم وكل هدية مما تثج له ترائب تثعب

وأعلى الهدي بدنة، وأدناه شاة. والمعنى: أن المحرم إذا أُحصر وأراد أن يتحلل، تحلل بذبح هدي تيسر عليه: من بدنة أو بقرة أو شاة.
تنبيه
قال الراغب: ظاهر قوله تعالى: { أُحْصِرْتُمْ } أنه لا فرق فيه بين أن يحصر بمكة أو بغيرها، وبعد عرفة أو قبلها. وكذلك لا فرق في الظاهر بين أن يحصره عدو مسلم أو غيره. وظاهره يقتضي أنه لا فصل بين إحصار العدو وإحصار المرض. لولا أن الآية نزلت في سبب العدو فلا يجوز أن تتعدى إلا بدلالة. ولأن قوله: { فَإِذَا أَمِنْتُمْ } يدل على أن ا لمراد بالإحصار هو بالعدو.
وقد يقال: العبرة في أمثاله بعمومه، كما ذهب إليه ثلة من السلف. فقد روى ابن أبي حاتم عن ابن مسعود، وابن الزبير، وعلقمة، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، ومجاهد، والنخعي، وعطاء، ومقاتل أنهم قالوا: الإحصار من عدو أو مرض أو كسر. وقال الثوري: الإحصار من كل شيء أذاه.
وثبت في الصحيحين عن عائشة
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله ! إني أريد الحج وأنا شاكية. فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني " . ورواه مسلم عن ابن عباس بمثله.
ومن دلالة الآية ما قاله الراغب: إن ظاهرها يقتضي أن لا قضاء على المحصر؛ لأنه قال: { فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } واقتصر عليه.
{ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } أي: الموضع الذي يحلّ فيه نحره، وهو مكانه الذي يستقر فيه. يعني: موضع الإحصار. وبلوغه إياه كناية عن ذبحه فيه، واستعمال بلوغ الشيء محله في وصوله إلى ما يقصد منه - شائع. ولما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية، وحصرهم كفار قريش عن الدخول إلى الحرم، حلقوا وذبحوا هديهم بها ولم يبعثوا به إلى الحرم.
وقد ساق الإمام ابن القيم في " زاد المعاد " بعض ما في قصة الحديبية من القواعد الفقهية في فصل قال فيه: ومنها أن المحصر ينحر هديه حيث أحصر من الحلّ أو الحرم، وأنه لا يجب عليه أن يواعد من ينحره في الحرم إذا لم يصل إليه، وأنه لا يتحلل حتى يصل إلى محله، بدليل قوله تعالى:
{ { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } [الفتح: 25]. ومنها: أن الموضع الذي نحر فيه الهدي كان من الحل لا من الحرم، لأن الحرم كله محل الهدي.
وقال الإمام مالك في " الموطأ ": من حبس بعدوّ فجال بينه وبين البيت، فإنه يحل من كل شيء وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس، وليس عليه قضاء.
قال: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو، كما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
{ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } أي: فمن كان منكم - معشر المحرمين - مريضاً مرضاً يتضرر معه بالشعر ويحوجه إلى الحلق، أو كان به أذى من رأسه - كجراحة وقمل - فعليه إن حلق، فدية من صيام أو صدقة أو نسك. وقد نزلت هذه الآية في كعب بن عجرة الأنصاري رضي الله عنه قال:
"حملت إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ بك هذا.. ! أما تجد شاة؟ قلت: لا ! قال: صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام واحلق رأسك " . فنزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة، رواه الشيخان وغيرهما، واللفظ للبخاري. وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون، وكانت لي وفرة، فجعلت الهوام تساقط على وجهي. فمرّ علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيؤذيك هوام رأسك؟ قلت: نعم. فأمره أن يحلق. قال: ونزلت هذه الآية" . قال ابن عباس: إذا كان " أو أو " فأيّة أخذت أجزأ عنك. وعامة العلماء: أنه يخيّر في هذا المقام: إن شاء صام وإن شاء تصدق بفرق - وهو ثلاثة أصع، لكل مسكين نصف صاع وهو مدان - وإن شاء ذبح شاة وتصدق بها على الفقراء، أي: ذلك فعل أجزأه. ولما كان لفظ القرآن في بيان الرخصة، جاء بالأسهل فالأسهل. ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة، بذلك أرشده أولاً إلى الأفضل، فقال: " أما تجد شاة؟ " فكل حسن في مقامه، ولله الحمد والمنة. أفاده ابن كثير.
تنبيه
استفيد من الآية أحكام:
الأول: جواز الحلق من المحرم واللبس للمخيط للضرورة، ووجوب الفدية عليه، وذلك لبيان سبب النزول.
الثاني: تحريم الحلق ولبس المخيط لغير عذر، وهذا مأخوذ من المفهوم؛ لأنه مصرح به، وذلك إجماع.
الثالث: أن الفدية الواجبة تكون من أجناس الثلاثة، وهي: الصيام أو الصدقة، أو النسك، وقد ورد بيانها في حديث كعب.
الرابع: أن الفدية واجبة على التخيير كما بيَّنا.
قال الراغب: وظاهر الآية يقتضي أنه لا فرق بين قليل الشعر وكثيره، بخلاف ما قال أبو حنيفةرحمه الله ، حيث لم يلزم إلا بحلق الثلث. وغيره لم يلزم إلا بحلق الربع.
لطيفة
أصل النسك العبادة، وسميت ذبيحة الأنعام نسكاً؛ لأنها من أشرف العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى.
قال أبو البقاء: والنسك - في الأصل - مصدر بمعنى المفعول؛ لأنه من نسك ينسك، والمراد به ههنا المنسوك، ويجوز أن يكون اسماً لا مصدراً، ويجوز تسكين السين. انتهى.
{ فَإِذَا أَمِنتُمْ } أي: كنتم آمنين من أول الأمر، أو صرتم بعد الإحصار آمنين: { فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ } أي: بإحرامه بها في أشهر الحج ليستفيد الحلّ حين وصوله إلى البيت، ويستمر حلالاً في سفره ذلك: { إِلَى الْحَجِّ } أي: إلى وقت الإحرام بالحج: { فَمَا } أي: فعليه ما: { اسْتَيْسَرَ } أي: تيسّر: { مِنَ الْهَدْيِ } من النعم، يكون هذا الهدي لأجل ما تمتع به بين النسكين من الحل.
وفي " النهاية " صورة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، فإذا أحرم بالعمرة بعد إهلاله شوالاً فقد صار متمتعاً بالعمرة إلى الحج وسمي به؛ لأنه إذا قدم مكة، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة. حل من عمرته وحلق رأسه، وذبح نسكه الواجب عليه لتمتعه، وحل له كل شيء كان حرم عليه في إحرامه من النساء والطيب، ثم ينشئ بعد ذلك إحراماً جديداً للحج وقت نهوضه إلى منى، أو قبل ذلك، من غير أن يجب عليه الرجوع إلى الميقات الذي أنشأ منه عمرته، فذلك تمتعه بالعمرة إلى الحج، أي: انتفاعه وتبلغه بما انتفع به من حلق، وطيب، وتنظف، وقضاء تفث، وإلمامٍ بأهله إن كانت معه.
قال الإمام ابن القيم في " زاد المعاد ": وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ذبح هدي العمرة عند المروة، وهدي القران بمنى. وكذلك كان ابن عمر يفعل. ولم ينحر صلى الله عليه وسلم قط إلا بعد أن حل، ولم ينحره قبل يوم النحر ولا أحد من الصحابة البتة.
{ فَمَن لَّمْ يَجِدْ } الهدي: { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ } أي: بعد الإحرام وقبل الفراغ من أعماله، والأولى سادس ذي الحجة وسابعه وثامنه.
قال الراغب إن قيل: كيف قال: { فِي الْحَجِّ } ومتى أحرم يوم عرفة لا يمكنه صيام ثلاثة أيام في الحج لأنه منهيّ عنه في يوم النحر وأيام التشريق؟ ! قيل: الواجب على المتمتع أن يحرم بالحج على وجه يمكنه الإتيان بالصيام لثلاثة أيام. وذلك بتقديم الإحرام قبل يوم عرفة. وقد قال ابن عمر وعائشة: يصوم أيام التشريق، ويحملان النهي على صوم أيام منى على غير المتمتع.
{ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } أي: إلى أهليكم، أو إذا أخذتم في الرجوع بعد الفراغ من أعمال الحج.
قال الراغب: وإطلاق اللفظ يحتمل الأمرين جميعاً، فيصح حمله عليهما.
إلا أن الذي يرجع الوجه الأول ما روي في الصحيحين من حديث بن عُمَر الطويل وفيه:
" فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله " .
{ تِلْكَ عَشَرَةٌ } فذلك حساب، أي: إجمال بعد تفصيل، وفائدتها: أن لا يتوهم أن الواو بمعنى أو وأن الكلام على التخيير. بل المجموع بدل الهدي.. ! وأن يعلم العدد جملة كما علم تفصيلاً، فيحاط به من وجهين فيتأكد العلم، وفي المثل: علمان خير من علم. فإن أكثر العرب لا يعرف الحساب. فاللائق الخطاب الذي يفهمه الخاص والعام. وهو ما يكون بتكرار الكلام وزيادة الإفهام...
وفائدة ثالثة: وهو أن المراد بالسبعة: هو العدد دون الكثرة فإنه يطلق لهما...
وفائدة رابعة: أشار لها الراغب وهو:
إن قوله: { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } استطراد في الكلام، وتنبيه على فضيلة علم العدد، ولذا قيل: العدد أول العلوم وأشرفها. أما أنه أول، فلأن ما عداه معدول منه، وبه يفصل ويميز. وأما كونه أشرف، فلأنه لا اختلاف فيه ولا تغير، بل هو لازم طريقة واحدة، فذكر العشرة ووصفها بالكاملة؛ إذ هي عدد كمل فيه خواص الأعداد، فإن الواحد مبدأ العدد، والاثنين أول العدد، والثلاثة أول عدد فرد، والأربعة أول عدد زوج محدود - أي: مجتمع من ضرب عدد في نفسه - والخمسة أول عدد دائر، والستة أول عدد نام - أي: إذا أخذ جميع أجزائه لم يزد عليه ولم ينقص منه - والسبعة أول عدد أول - أي: لا يتقدمه عدد بعده - والثمانية أول عدد زوج الزوج - والتسعة أول عدد مثلث، والعشرة أول عدد ينتهي إليه العدد؛ لأن ما بعده يكون مكرراً بما قبله، فإذن العشرة هي العدد الكامل...
{ كَامِلَةٌ } صفة مؤكدة لعشرة تفيد المبالغة في المحافظة على العدد، ففيه زيادة توصية لصيامها، وأن لا يتهاون بها، ولا ينقص من عددها، كأنها قيل: تلك عشرة كاملة، فراعوا كمالها ولا تنقصوها { ذَلِكَ } أي: وجوب دم التمتع أو بدله لمن لم يجد: { ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } أي: بل كان أهلله على مسافة الغيبة منه. وأما من كان أهله حاضريه - بأن يكون ساكناً في مكة - فهو في حكم القرب من الله، فالله تعالى يجبره بفضله.
هذا، وقال بعض المجتهدين: إن ذلك إشارة إلى التمتع المفهوم من قوله: { فَمَنْ تَمَتَّعَ } وليست للهدي والصوم، فلا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام عنده.
وروى ابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن ابن عباس كان يقول: يا أهل مكة ! لا متعة لكم أحلت لأهل الآفاق وحرمت عليكم، إنما يقطع أحدكم وادياً أو قال: يجعل بينه وبين الحرم وادياً - ثم يهل بعمرة.. ! وروى عبد الرزاق عن طاووس قال: المتعة للناس لا لأهل مكة. ثم قال وبلغني عن ابن عباس مثل قول طاووس، والله أعلم.
والأهل: سكن المرء من زوج ومستوطن. والحضور: ملازمة الموطن.
{ وَاتَّقُواْ اللّهَ } - في الجناية على إحرامه -: { وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } لمن جنى على إحرامه أكثر من شدة الملوك على من أساء الأدب بحضرته. وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتربية المهابة وإدخال الروعة.
تنبيهات
الأول: في قوله تعالى: { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ } الآية، دليل على مشروعية التمتع، كما جاء في الصحيحين عن عِمْرَان بن حصين قال: أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء.
وروى مالك في " الموطأ " عن عبد الله عن عمر أنه قال: والله ! لأن اعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة.. !.
وفي الصحيحين:
" لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عَمْرة " . يعني كما فعل أصحابه صلى الله عليه وسلم عن أمره.
الثاني: قال ابن القيم في " زاد ا لمعاد ": قد أثبت أن التمتع أفضل من الإفراد لوجوه كثيرة:
منها: أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بفسخ الحج إليه، ومحال أن ينقله من الفاضل إلى المفضول الذي هو دونه.
ومنها: أنه تأسف على كونه لم يفعله بقوله:
" لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها متعة " .
ومنها: أنه أمر به كل من لم يسق الهدي.
ومنها: أن الحج الذي استقر عليه فعله وفعل أصحابه، القران ممن ساق الهدي، والتمتع لمن لم يسق الهدي. ولوجوه كثيرة غير هذه.. !.
الثالث: قال الراغب لا يجب الدم أو بدله في التمتع إلا بأربع شرائط:
إيقاع العمرة في أشهر الحج والتحلل منها فيه.
والثاني: أن يثني الحج من سنته.
والثالث: أن لا يرجع إلى الميقات لإنشاء الحج.
الرابع: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام.