{ إِذْ أَوْحَيْنَا } أي: ألقينا بطريق الإلهام: { إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ } أي: الصندوق: { فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ } أي: البحر، متوكلةً على خالقه: { فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي } لدعواه الألوهية: { وَعَدُوٌّ لَهُ } لدعوته إلى نبذ ما يدعيه.
قال الزمخشريّ: لما كانت مشيئة الله تعالى وإرادته - أن لا تخطئ جرية اليم، الوصولَ به إلى الساحل، وإلقاءه إليه - سلك في ذلك سبيل المجاز وجعل اليم كأنه ذو تمييز أُمر بذلك، ليطيع الأمر ويمتثل رسمه. فقيل: { فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ } أي: على سبيل الاستعارة بالكناية. بتشبيه اليم بمأمور منقاد. وإثبات الأمر تخييل، وقوله تعالى: { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي } أي: واقعة مني، زرعتها في قلب من يراك. ولذلك أحبك فرعون: { وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي } أي: ولتربَّى بيد العدوّ على نظري بالحفظ والعناية. فعلى عيني استعارة تمثيلية للحفظ والصون، لأن المصون يجعل بمرأى. قيل: وعلى بمعنى الباء لأنه بمعنى بمرأى مني، في الأصل.