التفاسير

< >
عرض

ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ
١
-الأنبياء

محاسن التأويل

{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } أي: دنا لأهل مكة ما وعدوا به في الكتاب من الحساب الأخرويّ وهو عذابهم: { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ } أي: عما يراد بهم: { مُعْرِضُونَ } أي: مكذّبون به. وإنما كان مقترباً لأن كل آتٍ وإن طالت أوقات استقباله و ترقبه، قريب. وقد قال تعالى: { { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً } [المعارج: 6 - 7]، وقال تعالى: { { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ } [الحج: 47]، ولا يخفى ما في عموم الناس من الترهيب البليغ. وإن حق الناس أن ينتبهوا لدنو الساعة، ليتلافوا تفريطهم بالتوبة والندم. كما أن في تسمية يوم القيامة، بيوم الحساب زيادة إيقاظ، لأن الحساب هو الكاشف عن حال المرء، ففي العنوان ما يرهب منه، ولو قيل بأن الحساب أعم من الدنيويّ والأخروي لم يبعد، ويكون فيه إشارة إلى قرب محاسبة مشركي مكة بالانتصاف منهم والانتصار عليهم، كما أشير أليه في آية: { { فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ } [المائدة: 52]، ووعد به النبيّ وصحبه في آيات كثيرة. إلا أن شهرة الحساب فيما بعد البعث الأخرويّ، حمل المفسرين على قصر الآية عليه. والله أعلم. وقوله تعالى: { مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ... }.