التفاسير

< >
عرض

قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
٦٩
-الأنبياء

محاسن التأويل

{ قُلْنَا } أي: تعجيزاً لهم ولأصنامهم، وعناية بمن أرسلناه، وتصديقاً له في إنجاء من آمن به: { يَا نَارُ كُونِي بَرْداً } أي: باردة على إبراهيم، مع كونك محرقة للحطب: { وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ } أي: ولا تنتهي في البرد إلى حيث يهلكه، بل كوني غير ضارة. وجوز كون سلاماً منصوباً بفعله. والأمر مجاز عن التسخير، كما في قوله: { { كُونُوا قِرَدَةً } [البقرة: 65]، ففيه استعارة بالكناية بتشبيهها بمأمور مطيع، وتخييلها الأمر والنداء، ولذا قال أبو مسلم: المعنى أنه سبحانه و تعالى جعل النار برداً وسلاماً، لا أن هناك كلاماً، كقوله: { { أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [يّس: 82]، أي: فيكونه. فإن النار جماد ولا يجوز خطابه. وهو ظاهر.
تنبيه:
قال الرازي: لهم في كيفية برودة النار ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الله تعالى أزال عنها ما فيها من الحرّ والاحتراق، وأبقى ما فيها من الإضاءة والإشراق. والله على كل شيء قدير.
وثانيها: أن الله تعالى خلق في جسم إبراهيم كيفية مانعة من وصول أذى النار إليه. كما يفعل بخزنة جهنم في الآخرة. وكما أنه ركب بنية النعامة بحيث لا يضرها ابتلاع الحديدة المحماة. وبدن السمندل بحيث لا يضره المكث في النار.
ثالثها: أنه سبحانه خلق بينه وبين النار حائلاً يمنع من وصول أثر النار إليه.
قال المحققون: والأول أولى لأن ظاهر قوله: { يَا نَارُ كُونِي بَرْداً } أن نفس النار صارت باردة حتى سلم إبراهيم من تأثيرها، لا أن النار بقيت كما كانت.