التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ
٩١
-الأنبياء

محاسن التأويل

{ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي: اذكر نبأ التي أحصنته إحصاناً كلياً، عن الحلال والحرام جميعاً. كما قالت: { { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ } [آل عِمْرَان: 47] و [مريم: 20]. والتعبير عنها بالموصول، لتفخيم شأنها، وتنزيهها عما زعموه في حقها، بادئ بدء: { فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا } أي: نفخنا الروح في عيسى فيها. أي: أحييناه في جوفها. فنزّل نفخ الروح في عيسى، لكونه في جوف مريم، منزلة نفخ الروح فيها. ونفخ الروح في الجسد عبارة عن إحيائه. وقيل المعنى: فعلنا النفخ فيها من جهة روحنا جبريل عليه السلام، أي: أمرناه فنفخ. أو فنفخنا فيها بعض روحنا، أي: بعض الأرواح المخلوقة لنا. وذلك البعض هو روح عيسى، لأنها وصلت في الهواء الذي نفخه في رحمها: { وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا } أي: نبأهما: { آيَةً لِلْعَالَمِينَ } أي: في كمال قدرته واختصاصه من شاء بما شاء. وقد كان من آيتهما إتيان الرزق لمريم في غير أوانه. وتثمير النخل اليابس. وإجراء العين، ونطق ابنها في المهد. وإحياء الموتى. وإبراء الأكمه والأبرص.
قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: { ءَايَتَيْنِ } كما قال:
{ { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ } [الإسراء: 12]؟ قلت: لأن حالهما بمجموعها آية واحدة. وهي ولادتها إياه من غير فحل. انتهى. وقيل: المعنى وَجَعَلْنَاهَا ءَايَةً وَابْنَهَا آيَةً. فحذفت الأولى لدلالة الثانية عليها. ولما أنهى ما ذكر تعالى من شأن جماعة من الأنبياء صلوات الله عليهم، أشار إلى أن عقائدهم وأصول دينهم واحدة، بقوله سبحانه و تعالى: { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ... }.