التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ
١١
-الحج

محاسن التأويل

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ } شروع في حال المذبذبين، إثر بيان حال المهاجرين. أي: ومنهم من يعبده تعالى على طرف من الدين، لا في وسطه وقلبه. وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم، لا على سكون وطمأنينة. كالذي ينحرف إلى طرف الجيش. فإن أحسّ بظفر وغنيمة قرّ وإِلّا فَرَّ: { فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ } أي: دنيويّ من صحة وسعة: { اطْمَأَنَّ بِهِ } أي: ثبت على ما كان عليه ظاهراً: { وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } أي: ما يفتتن به من مكروه ينزل به: { انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } أي: رجع إلى ما كان عليه من الكفر: { خَسِرَ } أي: بهذا الانقلاب: { الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ } أي: ضيّعهما بذهاب عصمته، وحبوط عمله، بالارتداد: { ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } أي: الواضح الذي لا يخفى على ذي بصيرة.
تنبيه:
قال ابن جرير: يعني جل ذكره بقوله: { وَمِنَ النَّاسِ } الخ أعراباً كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهاجرين من باديتهم. فإن نالوا رخاء، من عيش بعد الهجرة، والدخول في الإسلام، أقاموا على الإسلام. وإلا ارتدوا على أعقابهم. وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل. ثم أسنده من طرق.
وهذا مما يؤيد أن السورة مدنية كما قاله جمع. وتقدم ذلك. وقوله تعالى: { يَدْعُو مِنْ... }.