التفاسير

< >
عرض

وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
٥٣
-النور

محاسن التأويل

{ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ } أي: بالخروج من ديارهم وأموالهم وأهليهم: { لَيَخْرُجُنَّ } أي: مجاهدين. وجهد منصوب على الحالية. أو هو مصدر لأقسموا من معناه. وهو مستعار من جهد نفسه إذا بلغ وسعها. أي: أكدوا الأيمان وشدّدوها: { قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ } أي: لا تقسموا على ذلك وتشددوا لترضونا. فإن الأمر المطلوب منكم طاعة معروفة، لا تنكرها النفس. إذ لا حرج فيها. فأطيعوا بالمعروف من غير حلف، كما يطيع المؤمنون. وقيل: معناه طاعتكم طاعة معروفة. أي: أنها قول بلا عمل. إذ عرف كذبكم في أيمانكم. كما قال تعالى: { { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ } [التوبة: 96] الآية، وقال تعالى: { { اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } [المجادلة: 16] الآية، فهم من سجيتهم الكذب حتى فيما يختارونه، كما قال تعالى: { { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ } [الحشر: 11 - 12]، وقوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي: من الأعمال الظاهرة والباطنة، التي منها الأيمان الكاذبة، وما تضمرونه من النفاق ومخادعة المؤمنين، التي لا تخفى على من يعلم السر وأخفى.