التفاسير

< >
عرض

وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً
٦٣
وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً
٦٤
-الفرقان

محاسن التأويل

{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً } أي: هينين. أو مشياً هيناً. أي: بسكينة وتواضع. لا يضربون بأقدامهم، ولا يخفقون تبعاً لهم أشراً وبطراً { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً } أي: إذا خاطبهم السفهاء بالقول السيء لم يقابلوهم بمثله، بل قالوا كلاماً فيه سلام من الإيذاء والإثم. سواء كان بصيغة السلام كقولهم: سلام عليكم، أو غيرها مما فيه لطف في القول أو عفو أو صفح. وكظم للغيظ. دفعاً بالتي هي أحسن: { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } أي: يكون لهم في الليل فضل صلاة وإنابة، كما قال تعالى: { { كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات: 17 - 18]، وقوله: { { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } [السجدة: 16] الآية، وقوله: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9]، والبيتوتة لغة: الدخول في الليل. يقال: بات يفعل كذا يبيت ويبات، إذا فعله ليلاً. وقد تستعار البيتوتة للكينونة مطلقاً. إلا أن الحقيقة أولى، لكثرة ما ورد في معناها مما تلونا. ولذلك قال السلف: في الآية مدح قيام الليل والثناء على أهله. وفي قوله: { لِرَبََّهمْ } إشارة إلى الإخلاص في أدائها وابتغاء وجهه الكريم. لما أن ذلك هو الذي يستتبع أثرها من العمل الصالح وفعل الخير وحفظ حدود الله: { وقياماً } جمع قائم أو مصدر أجري مجراه.