التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ
١٩٠
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
١٩١
-الشعراء

محاسن التأويل

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً } أي: على أخذ العصاة بمقتضى أعمالهم: { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } أي: الغالب على تعذيب من شاء بما شاء، الرحيم، بإرسال الرسل وإنزال الكتب، لئلا يكون للناس على الله حجة.
قال الزمخشريّ: فإن قلت: كيف كرر في هذه السورة، في أول كل قصة وأخرها، ما كرر؟ قلت: كل قصة منها كتنزيل برأسه. وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها. فكانت كل واحدة منها تدلي بحق في أن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها، وأن تختتم بما اختتمت به. ولأن في التكرير تقريراً للمعاني في الأنفس، وتثبيتاً لها في الصدور. ألا ترى أنه لا طريق إلى تحفيظ العلوم إلا ترديد ما يراد تحفظه منها؟
وكلما زاد ترديده كان أمكن له في القلب، وأرسخ في الفهم، وأثبت للذكر، وأبعد من النسيان. ولأن هذه القصص طرقت بها أذان وُقْرٌ عن الإنصات للحق، وقلوب غلفٌ عن تدبره، فكوثرت بالوعظ والتذكير، وروجعت بالترديد والتكرير. لعل ذلك يفتح أذناً، أو يفتق ذهناً، أو يصقل عقلاً طال عهده بالصقل أو يجلو فهماً قد غطى عليه تراكم الصدأ. وقوله تعالى: { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ... }.