التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
١٥
-آل عمران

محاسن التأويل

{ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ } أي: الشهوات المزينة لكم: { لِلَّذِينَ اتَّقَوْا } الله ولم ينهمكوا في شهواتهم: { عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } من أنواع الأشربة من العسل واللبن والخمر والماء وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، و: { لِلَّذِينَ اتَّقَوْا } خبر المبتدأ الذي هو: { جَنَّاتٌ } و: { تَجْرِي } صفة لها، و: { عِندَ } إما متعلق بما تعلق به الجار من معنى الاستقرار، وإما صفة للجنات في الأصل، قدّم فانتصب على الحال. والعندية مفيدة لكمال علو رتبة الجنات وسمو طبقتها: { خَالِدِينَ فِيهَا } أي: ماكثين فيها أبد الآباد لا يبغون عنها حولاً: { وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } أي: من الأرجاس والأدناس البدنية والطبيعية مما لا يخلو عنه نساء الدنيا غالباً: { وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ } التنوين للتفخيم أي: رضوان لا يقدر قدره. وهذه اللذة الروحانية تتمة ما حصل لهم من اللذات الجسمانية وأكبرها، كما قال تعالى في آية براءة: { { وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } [التوبة: 72]، أي: أعظم ما أعطاهم من النعيم المقيم. روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة ! فيقولون: لبيك ربنا وسعديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك؟ قالوا: يا ربنا وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً " { وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } أي: عالم بمصالحهم فيجب أن يرضوا لأنفسهم ما اختاره لهم من نعيم الآخرة، وأن يزهدوا فيما زهدهم فيه من أمور الدنيا. ثم وصف سبحانه الذين اتقوا ففازوا بتلك الكرامات بقوله:
{ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ... }.