{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} أي: في أعماله: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} أي: تعلق بأوثق ما يتعلق به من الأسباب، وهو تمثيلٌ لحال المؤمن المخلص المحسن، بحال من أراد رقيّ شاهق، فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلي منه: {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا} أي: من الأعمال الظاهرة والباطنة: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} أي: على أن جعل دلائل التوحيد بحيث لا يكاد ينكرها المكابرون أيضاً: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أي: شيئا ما؛ فلذلك لا يعملون بمقتضى اعترافهم {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: فلا يستحق العبادة فيهما غيره: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} أي: عن العالمين، وهم فقراء إليه جميعا: {الْحَمِيدُ} أي: المحمود فيما خلق وشرع، بلسان الحال والمقال: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ} أي: من بعد نفاده: {سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} أي: التي أوجد بها الكائنات، وسيوجد بها ما لا غاية لحصره ومنتهاه، والسبعة إنما ذكرت على سبيل المبالغة لا الحصر: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} أي: إلا كخلقها وبعثها في سهولته: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} أي: أمد قدره الله تعالى لجريهما، وهو يوم القيامة: {وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أي: لأن من شاهد مثل ذلك الصنع الرائق، والتدبير الفائق، لا يكاد يغفل عن كون صانعه عز وجل محيطاً بما يأتي ويذر.