التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً
٢٢
مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً
٢٣
-الأحزاب

محاسن التأويل

{ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ } أي: لأنه تعالى وعدهم أن يزلزلوا حتى يستغيثوه ويستنصروه، في قوله: { { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ } [البقرة: 214]، وكذلك حدثهم الرسول صلوات الله عليه بالابتلاء والامتحان الذي يعقبه النصر والأمان: { وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } أي: ظهر صدقهما فيما وعدانا به: { وَمَا زَادَهُمْ } أي: هذا الخطب والبلاء، عند تزلزل المنافقين وبث أراجيفهم: { إِلَّا إِيمَاناً } أي: بالله ورسوله، ومواعيدهما: { وَتَسْلِيماً } أي: لأمر الله ومقاديره.
{ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } في الصبر والثبات، والقيام بما كتب عليهم من القتال، لإعلاء كلمة الحق، ومن العمل بالصالحات، ومجانبة السيئات: { فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ } أي: أدّى ما التزمه ووفى به، فقاتل مع الرسول صلّى الله عليه وسلم، صادقاً حتى قتل شهيداً.
قال الشهاب: أصل معنى النحب النذر، وقضاؤه الوفاء به. وقد كان رجال من الصحابة رضي الله عنهم نذروا أنهم إذا شهدوا معه صلّى الله عليه وسلم حرباً، قاتلوا حتى يستشهدوا. وقد استعير: قضاء النحب، للموت؛ لأنه لكونه لا بد منه، مشبّه بالنذر الذي يجب الوفاء به، فيجوز أن يكون هنا حقيقة، أو استعارة من المشاكلة فيه. انتهى.: { وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ } أي: ما وعد الله به من نصره والشهادة على ما مضى عليه أصحابه: { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } أي: ما غيروا شيئا من العهد، ولا نقضوه كنقض المنافقين في توليهم:
{ { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ } [الأحزاب: 15]. ففيه كناية تعريضية تفهم من تخصيصهم به، والتصريح بالمصدر لإفادة العموم.