{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } أي: بإيصالنا إلى ما وعدنا، وأنبأنا عنه على ألسنة رسله: { وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ } أي: أرض الآخرة. شبه نيلهم بأعمالهم لها، بإرثهم من آبائهم؛ فكأن الأعمال آباؤهم، كما قيل:
وَأَبِيْ الْإِسْلَاْمُ لَاْ أَبَ لِيْ سِوَاْهُ
وكما يقال: الصدق يورث النجاة { نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء } أي: يتبوأ كل من جنته الواسعة، أي: مكان أراده: { فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } أي: الذين عملوا بما عملوا: { وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ } أي: الملائكة السماوية حافين في جنة الفردوس حول عرش الرحمن، محدقين به. وتقدم في تفسير آية: { { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [الأعراف: 54] في الأعراف، كلام في حملة العرش، فتذكره: { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم } أي: بين الخلائق: { بِالْحَقِّ } أي: بالعدل: { وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } أي: على ما قضى بينهم بالحق، وأنزل كلاً منزلته التي هي حقه. والقائل: إما الحق جل جلاله، أو الملائكة الحافون، أو المؤمنون ممن قضي بينهم، أو الكل، فله الحمد عز وجل.
عن قتادة قال: افتتح الله أول الخلق بـ: { الْحَمْدُ لِلَّهِ } فقال: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ } وختم بالحمد فقال: { وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }.