التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٠٤
-النساء

محاسن التأويل

{ وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ } أي: لا تضعفوا فحيث طلب عدوكم بالقتال بل جدوا فيهم واقعدوا لهم كل مرصد، ثم ألزمهم الحجة بقوله سبحانه: { إِن تَكُونُواْ تَأْلمونَ فَإِنّهُمْ يَأْلمونَ كَمَا تَأْلمونَ } أي: ليس ما تجدون من الألم بالجرح والقتل مختصاً بكم بل هو مشترك بينكم وبينهم، كما قال تعالى: { { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مّثْلُهُ } [آل عِمْرَان: 140]، ثم زاد في تقرير الحجة، وبيّن أن المؤمنين أولى بالمصابرة على القتال من المشركين بقوله تعالى: { وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ } يعني وتأملون من القرب من الله واستحقاق الدرجات من جناته وإظهار دينه، كما وعدكم إياه في كتابه وعلى لسان رسوله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم، ما لا يأملونه، فأنتم أولى بالجهاد منهم وأجدر بإقامة كلمة الله.
{ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } أي: فلا يكلفكم إلا بما يعلم أنه سبب لصلاحكم في دينكم ودنياكم، فجدوا في الامتثال بذلك فإنه فيه عواقب حميدة.
قال بعض مفسري الزيدية: ثمرة وجوب الجهاد وأنه لا يسقط لما يحصل من المضرة بالجراح ونحوه، وأن التجلد وطلب ما يقوّى لازم، وما يحصل به الوهن لا يجوز فعله، وتدل على جواز المعارضة والحجاج لقوله: { فَإِنّهُمْ يَأْلمونَ } وتدل على أن للمجاهد أن يجاهد لطلب الثواب لقوله: { وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ } فجعل هذا سبباً باعثاً على الجهاد، هذا معنى كلام الحاكم، ونظير هذا: لو صلى لطلب الثواب أو السلامة من العقاب، وقد ذكر في ذلك خلاف.
فعن الراضي بالله: يجزي ذلك، وقواه الفقيه يحيى بن أحمد، وعن أبي مضر: لا يجزي، لأنه لم ينو الوجه الذي شرع الواجب له. انتهى.