التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ
٧
رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٨
وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٩
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ
١٠
-غافر

محاسن التأويل

{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ } أي: من الملائكة. وقد سبق في تفسير آية: { { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [الأعراف: 54]، في الأعراف، كلام في حملة العرش، فراجعه: { وَمَنْ حَوْلَهُ } يعني الملائكة المقرّبين: { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ } أي: ويقرون بأنه لا إله لهم سواه، ويشهدون بذلك لا يستكبرون عن عبادته. وفائدة التصريح بإيمانهم مع جلائه، وهو إظهار فضيلة الإيمان، وإبراز شرف أهله، والإشعار بعلة دعائهم للمؤمنين؛ حسبما ينطق به قوله تعالى: { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } فإن المشاركة في الإيمان أقوى المناسبات وأتمها، وأدعى الدواعي إلى النصح والشفقة.
وفي نظم استغفارهم لهم في سلك وظائفهم المفروضة عليهم، من تسبيحهم، وتحميدهم، وإيمانهم، إيذان بكمال اعتنائهم به، وإشعار بوقوعه عند الله تعالى في موقع القبول: { رَبَّنَا } أي: يقولون ربنا: { وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } أي: شملت رحمتك، وأحاط بالكل علمك: { فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ } أي: صراطك المستقيم بمتابعة نبيك في الأقوال، والأعمال، والأحوال: { وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } أي: عمل صالحاً منهم، ليتم سرورهم بهم: { إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ } أي: عقوبتها وجزاءها: { وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي: لبغضه الشديد لكم، أعظم من بغض بعضكم لبعض، وتبرؤ كل من الآخر، ولعنه حين تعذبون، كما قال تعالى:
{ { يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [العنكبوت: 25]، أو أعظم من مقتكم أنفسكم وذواتكم، فقد يمقتون أنفسهم حين تظهر لهم هيئاتها المظلمة، وصفاتها المؤلمة، وسواد الوجه الموحش، وقبح المنظر المنفر: { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } أي: تدعون على ألسنة الرسل عليهم السلام، إلى الإيمان به سبحانه، فتكفرون كبراً وعتوّاً.