التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ
٣٩
-الشورى

محاسن التأويل

{ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } أي: بالعدالة. احترازاً عن الذلة والانظلام، لكونهم في مقام الاستقامة، قائمين بالحق والعدل الذي ظلّه في نفوسهم. قال القاشاني. وقال ابن جرير: اختلف أهل التأويل في الباغي الذي حمد تعالى ذكره، المنتصر منه بعد بغيه عليه. فقال بعضهم: هو المشرك إذا بغى على المسلم. وقال آخرون: بل هو كل باغٍ بغى فحمد المنتصر منه. وإليه ذهب السدي حيث قال: ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا.
قال ابن جرير: وهذا القول الثاني أولى من ذلك بالصواب؛ لأن الله لم يخصص من ذلك معنى دون معنى. بل حمد كل منتصر بحقٍّ ممن بغى عليه.. فإن قال قائل: وما في الانتصار من المدح؟ قيل: إن في إقامة الظالم على سبيل الحق، وعقوبته بما هو له أهل، تقويماً له. وفي ذلك أعظم المدح. انتهى. وكذا قال الزمخشري. فإن قلت: أهم محمودون في الانتصار؟ قلت: نعم؛ لأن من أخذ حقه غير متعد حد الله وما أمر به فلم يسرف في القتل، إن كان وليّ دم، أو ردّ على سفيه محاماة على عرضه وردعاً له، فهو مطيع، وكل مطيع محمود. قال النَّخَعِي: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترىء عليهم الفساق.
ثم أشار تعالى إلى أن الانتصار يجب أن يكون مقيداً بالمثل، بقوله: { وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ ... }.