التفاسير

< >
عرض

أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ
٥
رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦
-الدخان

محاسن التأويل

{ أَمْراً مِّنْ عِندِنَا } نصب على الاختصاص؛ أي: أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا على مقتضى حكمنا. وهو بيان لفخامته الإضافية، بعد بيان فخامته الذاتية: { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } أي: مرسلين إلى الناس رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آيات الله، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب، والحكمة، رحمة منه تعالى بهم، لمسيس الحاجة إليه كما قال تعالى: { { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 107]، وجوز كون رحمة علة للإنزال. أي: رحمة تامة كاملة على العالمين بإنزاله، لاستقامة أمورهم الدينية والدنيوية، وصلاح معاشهم ومعادهم، وظهور الخير، والكمال، والبركة، والرشاد فيهم بسببه.
والوجه هو الأول، وهو كونه غاية للإرسال؛ لإفصاح تلك الآية عنه: { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ } أي: لدعوة حقائق الأشياء بمقتضياتها: { الْعَلِيمُ } أي: بمقادير قابلياتها، فلا يبعد عليه الإرسال والإنزال، قاله المهايمي. وقال القاشاني: أي: السميع لأقوالهم المختلفة في الأمور الدينية الصادرة عن أهوائهم، العليم: أي: بعقائدهم الباطلة، وآرائهم الفاسدة، وأمورهم المختلفة، ومعايشهم غير المنتظمة. فلذلك رحمهم بإرسال الرسول الهادي إلى الحق في أمر الدين، الناظم لمصالحهم في أمر الدنيا، المرشد إلى الصواب فيهما، بتوضيح الصراط المستقيم، وتحقيق التوحيد بالبرهان، وتقنين الشرائع وسنن الأحكام لضبط النظام.