التفاسير

< >
عرض

إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
٢٦
-الفتح

محاسن التأويل

{ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } قال ابن جرير: وذلك حين جعل سهيل بن عَمْرو في قلبه الحمية، فامتنع أن يكتب في كتاب المقاضاة الذي كتب بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين: { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }، وأن يكتب فيه: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ } وامتنع هو وقومه من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه ذلك. والعامل في الظرف إما لعذبنا، أو صدوكم، أو اذكر مقدراً، فيكون مفعولاً به. والحمية الأنفة، وهي الاستكبار والاستنكاف، مصدر من حمى من كذا حمية.
وقوله تعالى: { فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } عطف على منويّ. أي: فهم المسلمون أن يأبوا ذلك، ويقاتلوا عليهم، فأنزل الله سكينته على رسوله، وعلى المؤمنين. يعني: الوقار والتثبيت، حتى صالحوهم على أن يعودوا من قابل، وعلى ما تقدم.
{ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } أي: اختارها لهم، فالإلزام مجاز عما ذكر من اختيارها لهم، وأمرهم بها.: { وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا } قال أبو السعود: أي: متصفين بمزيد استحقاق لها. على أن صيغة التفضيل للزيادة مطلقاً. وقيل: أحق بها من الكفار { وَأَهْلَهَا } أي: المستأهل لها { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }. قال أبو السعود: أي: فيعلم حق كل شيء، فيسوقه إلى مستحقه.