التفاسير

< >
عرض

مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ
٢٥

محاسن التأويل

{ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } أي: الكليّ، وهو الإسلام، أو المال. واستصوب ابن جرير أنه هنا كل حق وجب لله أو لآدمي في ماله، لأنه لم يخصص منه شيء؛ فدل على أنه كل خير يمكن منعه طالبه { مُعْتَدِ } أي: متجاوز الحدَّ في الاعتداء على الناس بالبَذاء والفُحش في المنطق، وبيده بالسطوة والبطش ظلماً، كما قال قتادة: معتدٍ في منطقه وسيرته وأمره.
{ مُرِيبٍ } أي: شاكّ في الحق، أو ُموقع صاحبه في الرَّيب مع كثرة الدلائل.
وقال القاشاني: الخطاب في { أَلْقِيَا } للسائق والشهيد الذيْن يُوبقانه ويُلقيانه ويهلكانه في أسفل غياهِب مَهواة الهيولي الجسمانية، وغيَابةِ جُبِّ الطبيعة الظلمانية في نيران الحرمان. أو لمالك. والمراد بتثنية الفاعل تكرار الفعل، كأنما قال: ألق، ألق، لاستيلائه عليهم في الإبعاد والإلقاء إلى الجهة السفلية. ويقوّي الأول: أنه عدد الرذائل الموبقة التي أوجبت استحقاقهم لعذاب جهنم، ووقوعهم في نيران الجحيم، وبيَّن أنها من باب العلم والعمل. والكفران ومنع الخير كلاهما من إفراط القوة البهيمية الشهوانية، لانهماكها في لذاتها، واستعمالها نِعَم الله تعالى في غير مواضعها من المعاصي والاحتجاب عن المنعم بها، ومن حقها أن تذكِّره وتبعث على شكره، ومكالبتها عليها لفرط ولوعها بها؛ فتمنعها عن مستحقِّيها. وذكرهما على بناء المبالغة؛ ليدل على رسوخ الرذيلتين فيه وغلبتِهما عليه، وتعمقِه فيهما الموجب للسقوط عن رتبة الفطرة في قعر بئر الطبيعة. والعنود والاعتداء كلاهما من إفراط القوة الغضبية، واستيلائها لفرط الشيطنة، والخروج عن حد العدالة. والأربعة من باب فساد العمل. والريب والشرك كلاهما من نقصان القوة النطقية، وسقوطها عن الفطرة بتفريطها في جنب الله، وتصورها عن حد القوة العاقلة؛ وذلك من باب فساد العلم. انتهى.