التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ
٧
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ
٨
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
٩
-الذاريات

محاسن التأويل

{ وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ } أي: الطرق المختلفة التي هي دوائر سير الكواكب. و { الْحُبُكِ } أصل معناها ما يرى كالطريق في الرمل والماء، إذا ضربته الريح، وكذلك حبك الشَّعر: آثار تثنّيه وتكسّره. والحُبُك بضمتين جمع حِباك، كمثال ومثل وكتاب وكتب، أو حبيكة كطريقة وطرق. قال زهير يصف غديراً:

مُكللٌ بأصولِ الَّنجمِ تَنْسِجُهُ ريحٌ خَريقٌ لضاحي مَائهِ حُبُكُ

ويقال: ما أملح حباك هذه الحمامة! وهو الخط الأسود على جناحها.
وعن الحسن: { ذَاتِ الْحُبُكِ } أي: النجوم قال: حُبِكَت بالخَلْق الحسن: حبكت بالنجوم؛ وذلك لأنها تزين السماء، كما يزين الثوب الموشَّى تحبيكه، فشبهت النجوم بطرائق الوشي مجازاً بالاستعارة.
وقال بعض علماء الفلك: الحبك جمع حبيكة، بمعنى محبوكة، أي: مربوطة. فمعنى: { ذَاتِ الْحُبُكِ } ذات المجاميع من الكواكب المربوط بعضها ببعض بحبال من الجاذبية، فإن كل حبيكة مجموعة من الكواكب المتجاذبة؛ فالآية الشريفة نصٌّ على تعدد المجاميع وعلى الجاذبية التي يزعم الإفرنج أنهم مكتشفوها؛ وعليه فهي إحدى معجزات القرآن العلمية. انتهى.
{ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } أي: متخالف متناقض. قال ابن زيد: يتخرَّصون يقولون: هذا سحر، ويقولون:
{ { إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ } [الأنعام: 25].
{ يُؤْفَكُ } أي: يصرف { عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } أي: صرف عن الحق الصريح الصَّرف التام؛ إذ لا صرف أشد منه.
وقد ذكر القاضي في مناسبة المقسم به للمقسم عليه، هو تشبيه أقوالهم في اختلافها، وتنافي أغراضها بالطرائق للسماوات في تباعدها، واختلاف غاياتها. ثم أشار أنهم لم يؤفكوا لإتباعهم الدلائل، بل لأخذهم بالخرص والتخمين، بقوله تعالى: { قُتِلَ الْخَرَّاصُون .. }.