التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ
٤
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ
٥
-القمر

محاسن التأويل

{ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء } أي: عن القرون الخالية، والحقائق الكونية، مما يستحيل أن يأتي به أميٌّ غيره صلوات الله عليه { مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } أي: مرتدع عما هم مقيمون عليه من التكذيب والغفلة واللهو.
{ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ } أي: بلغت غايتها من الإحكام والتنزه عن الخلل، ومن الاشتمال على البراهين القاطعة والحجج الساطعة، وهو بدل من: ما، أو خبر محذوف، أي: هو حكمة بالغة { فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ } جمع نذير. و ما نافية، أو استفهامية، أي: أي: غناء تغنى عن قوم آثروا الضلالة على الهدى، فأعرضوا عنه، وكذبوا به. وجوز أن تكون { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ } جملة مستأنفة للتعجب من حالهم، مع ما جاءهم مما يقود إلى الإيمان بادئ بدء. وهو ما يفهم من تأويل ابن كثير، وعبارته: { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ } أي: في هدايته تعالى لمن هداه، وإضلالِه لمن أضله { فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ } يعني أي: شيء تغني النذر عمن كتب الله عليه الشقاوة وختم على قلبه، فمن ذا الذي يهديه من بعد الله؟ و هذه الآية كقوله تعالى:
{ { وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } [النحل: 9]، وكذا قوله تعالى: { { وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ } [يونس: 101].