التفاسير

< >
عرض

كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ
٢٦
وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ
٢٧
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٢٨
-الرحمن

محاسن التأويل

{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } أي: مَن على ظهر الأرض هالك. { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } أي: ذاته الكريمة { ذُو الْجَلَالِ } أي: العظمة والعلوّ والكبرياء { وَالْإِكْرَامِ } أي: التفضل العام، وهذه الآية كآية: { { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } [القصص: 88].
ولما كان فناء الخلق سبباً لبعثهم للنشأة الأخرى التي يظهر بها المحق من المبطل، وينقلب الأول بالثواب، ويبوء الآخر بالعقاب، وذلك من أعظم النعم التي يشمل فيها العدل الإلهي المكلفين، قال سبحانه: { فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } وقد أشار الرازيّ إلى ما في قوله تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } من الفوائد، بقوله: فيه فوائد:
منها: الحث على العبادة، وصرف الزمان اليسير إلى الطاعة.
ومنها: المنع من الوثوق بما يكون للمرء، فلا يقول - إذا كان في نعمة -: إنها لن تذهب فيترك الرجوع إلى الله، معتمداً على ماله وملكه.
ومنها: الأمر بالصبر إن كان في ضر، فلا يكفر بالله معتمداً على أن الأمر ذاهب، والضرر زائل.
ومنها: ترك اتخاذ الغير معبوداً، والزجر عن الاغترار بالقرب من المملوك، وترك التقرب إلى الله تعالى؛ فإن أمرهم إلى الزوال قريب.
ومنها: حسن التوحيد، وترك الشرك الظاهر والخفي جميعاً، لأن الفاني لا يصلح لأن يعبد.