التفاسير

< >
عرض

فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ
٣٩
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٠
-الرحمن

محاسن التأويل

{ فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ } أي: لا يفتح له باب المعذرة، كقوله: { { وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات: 36]، ففي السؤال مجاز عن نفي سماع الاعتذار؛ فهو من باب نفي السبب لانتفاء المسبب. وأخذ كثير السؤال على حقيقته، وحاولوا الجمع بينه وبين ما قد ينافيه.
قال القاشانيّ: وأما الوقف والسؤال المشار إليه في قوله:
{ { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ } [الصافات: 24]، ونظائره ففي موطن آخر من اليوم الطويل الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، وقد يكون هذا الموطن قبل الموطن الأول في ذلك اليوم، وقد يكون بعده.
وكذا قال ابن كثير: إن هذه الآية كقوله تعالى:
{ { هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات: 35 - 36]، فهذا حال، وثَمّ حال يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم، قال تعالى: { { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الحجر: 92 - 93]، وفي الآية تأويل آخر، قال مجاهد: لا يسأل الملائكة عن المجرم، يعرفون بسيماهم.
وقال الإمام ابن القيم في "طريق الهجرتين": اختلف في هذا السؤال المنفي، فقيل: هو وقت البعث والمصير إلى الموقف، لا يسألون حينئذ، ويسألون بعد إطالة الوقوف، واستشفاعهم إلى الله أن يحاسبهم، ويريحهم من مقامهم ذلك. وقيل: المنفي سؤال الاستعلام والاستخبار، لا سؤال المحاسبة والمجازاة، أي: قد علم الله ذنوبهم، فلا يسألهم عنها سؤال من يريد علمها، وإنما يحاسبهم عليها. انتهى.
{ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } قال ابن جرير: أي: من عدله فيكم أنه لم يعاقب منكم إلا مجرماً.