التفاسير

< >
عرض

ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ
٥
وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ
٦
وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ
٧
-الرحمن

محاسن التأويل

{ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } أي: يجريان بحساب معلوم مقدّر في بروجهما ومنازلهما، به تتسق أمور الكائنات السفلية، وتختلف الفصول والأوقات، ويعلم السنون والحساب.
{ وَالنَّجْمِ } أي: النبات الذي ينجم، أي: يطلع من الأرض ولا ساق له.
{ وَالشَّجَرَ } أي: الذي له ساق { يَسْجُدَانِ } أي: ينقادان لله فيما يريد بهما طبعاً، انقياد الساجد من المكلفين طوعاً. فهو استعارة مصرحة تبعيّة، شبّه جريهما على مقتضى طبيعته، بانقياد الساجد لخالقه والجملة - إن كانت خبراً عن الرحمن لعطفها على الخبر - فالرابط محذوف لوضوحه، أي: بحسبانه ويسجدان له. أو مستأنفة، فالقطع لأنها مسوقة لغرض آخر. وإدخال العاطف بينهما لما أن الشمس والقمر سماويّان، والنجم والشجر أرضيّان، فبينهما مناسبة بالتقابل، وبانقياد الكل لإرادته.
{ وَالسَّمَاء رَفَعَهَا } أي: خلقها مرفوعة.
{ وَوَضَعَ الْمِيزَانَ } أي: العدل بين خلقه في الأرض.
قال القاشانيّ: أي: خفض ميزان العدل إلى أرض النفس والبدن، فإن العدالة هيئة نفسانية، لولاها لما حصلت الفضيلة الْإِنْسَاْنية. ومنه الاعتدال في البدن الذي لو لم يكن لما وجد ولم يبق. ولمّا استقام أمر الدين والدنيا بالعدل واستتبّ كمال النفس والبدن به، بحيث لولاه لفسد أمر بمراعاته ومحافظته قبل تعديد الأصول بتمامها، لشدّة العناية به، وفرط الاهتمام بأمره. وقوله تعالى: { أَلَّا تَطْغَوْا... }.