التفاسير

< >
عرض

بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَٰحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٠١
-الأنعام

محاسن التأويل

{ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي: مبدعهما بلا مثال سبق. وقيل: بمعنى عديم النظير فيهما. قال أبو السعود: والأول هو الوجه. والمعنى: أنه تعالى مبدع لقطري العالم العلويّ والسفليّ، بلا مادة، فاعل على الإطلاق، منزه عن الأنفعال بالمرة.
والوالد عنصر الولد منفعل بانتقال مادته عنه، فكيف يمكن أن يكون له ولد؟
{ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ } أي: من أين وكيف يكون له ولد - كما زعموا - والحال أنه ليس له على زعمهم أيضاً صاحبة يكون الولد منها؟ ويستحيل ضرورة وجود الولد بلا والدة، وإن أمكن وجوده بلا والد. وأيضاً، الولد لا يحصل إلا بين متجانسين، ولا مجانس له تعالى.
وقوله تعالى: { أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ } جملة مستأنفة، لتقرير تنزهه عنه، والحالية بعدها مؤكدة للاستحالة المذكورة.
وقوله تعالى: { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } جملة أخرى مستأنفة، لتحقيق ما ذكر من الاستحالة أو حال ثانية مقررة لها. أي: أنى يكون له ولد والحال أنه خلق كل شيء انتظمه التكوين والإيجاد من الموجودات التي من جملتها ما سموه ولداً له تعالى: فكيف يتصور أن يكون المخلوق ولداً لخالقه؟ - أفاده أبو السعود -.
{ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } أي: مبالغ في العلم أزلاً وأبداً. جملة مستأنفة أيضاً، مقررة لمضمون ما قبلها من الدلائل القاطعة، ببطلان مقالتهم الشنعاء. أي: أنه سبحانه لذته عالم بكل المعلومات، فلو كان له ولد، فلا بد أن يتصف بصفاته، ومنها عموم العلم، وهو لغيره تعالى منفي بالإجماع.