التفاسير

< >
عرض

لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
٧
-الطلاق

محاسن التأويل

{ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ } أي: من سعة ماله وغناه على امرأته البائنة في أجر رضاع ولده منها، وعلى ولده الصغير { وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } أي: ضيق عليه { فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ } أي: على قدر ماله وطاقته { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا } يعني: وسعها وطاقتها، فلا يكلف الفقير نفقة الغنيّ، ولا أحداً إلا فرضه الذي وجب عليه { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } أي: سيؤتي المقلّ بعد ضيق فرجاً، وبعد فقر غنى، تسلية للمعسرين من فقراء الأزواج، وتصبير لمطلقاتهم، وتطيب لقلوب الجميع، وتبشّر عام.
تنبيه:
في”الإكليل”: فيه أن النفقة يراعى فيها حال المنفق يساراً وإعساراً، وإن نفقة المعسر أقل من نفقة الموسر، لا حال المنفق عليه، واستدل بقوله: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا } من قال: لا فسخ بالعجز عن الإنفاق على الزوجة. وفي الآية استحباب مراعاة الْإِنْسَاْن نفسه في النفقة والصدقة. ففي الحديث:
"إن المؤمن أخذ عن الله أدباً حسناً: إذا هو وسع عليه وسع، وإذا هو قتر عليه قتر" .
روى ابن جرير أن عمر بن الخطاب سأل عن أبي عبيدة فقيل له: إنه يلبس الغليظ من الثياب، ويأكل أخشن الطعام، فبعث إليه بألف دينار، وقال للرسول: انظر ماذا يصنع إذا هو أخذها، فما لبث أن لبس ألين الثياب، وأكل أطيب الطعام، فجاء الرسول فأخبره، فقالرحمه الله : تأول هذه الآية { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ }.
ثم حذر تعالى من عصيانه وتعدي حدوده فيما شرعه، عناية بما مرّ من الأحكام، بقوله سبحانه: { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ... }.