التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٤٢
-الأعراف

محاسن التأويل

{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } قال أبو البقاء: والذين آمنوا مبتدأ، وفي الخبر وجهان:
أحدهما: { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا }، والتقدير منهم، فحذف العائد، كما حذف في قوله:
{ { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [الشورى: 43].
والثاني: أن الخبر: { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ } و: { لا نُكَلِّفُ } معترض بينهما. انتهى.
وعلى الثاني اقتصر غير واحد من المحققين، قالوا: وسر الإعتراض، الترغيب في اكتساب ما يؤدي إلى النعيم المقيم ببيان سهولة مناله، وتيسير تحصيله، والذي حسنه سبق العمل الصالح قبله، أي: وإذ علم أن مبنى التكليف على الوسع زادت الرغبة في ذلك الإكتساب، لحصوله بما فيه يسر لا عسر.
لطيفة
الوسع: ما يقدر عليه الْإِنْسَاْن بسهولة ويستمر. قال الرازي، أخذاً من قول معاذ في الآية، يسرها لا عسرها، قال: وأما أقصى الطاقة فيسمى جهداً لا وسعاً، وغلط من ظن أن الوسع بذلك المجهود.
قلت: في القاموس: الوسع ـ مثلثةـ الجدة والطاقة كالسعة. وفيه: الجهد الطاقة ـ ويضم ـ والمشقة. انتهى.
قال ابن الأثير: الجهد بالفتح المشقة، وقيل: المبالغة والغاية، وبالضم الوسع والطاعة وقيل: وهما لغتان في الوسع والطاعة، فأما في المشقة والغاية، فالفتح لا غير. انتهى - وبه يعلم أن ما جرى عليه الرازي قول للغويين، ليس وفاقاً.