التفاسير

< >
عرض

فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ
٩٣
-الأعراف

محاسن التأويل

{ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ } أي: أعرض عن شفاعتهم والحزن عليهم { وَقَالَ } أي: في الإعتذار { يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي } أي: بالأمر والنهي { وَنَصَحْتُ لَكُمْ } أي: حذرتكم من عذاب الله، ودعوتكم إلى التوبة والإيمان بما يفيد ربح الدارين، ويمنعكم خسرانهما، لكنكم كفرتم { فَكَيْفَ آسَى } أي: أحزن حزناً شديدا، ً: { عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ } أي: بالله إن هلكوا، فضلاً عن أن أشتغل بشفاعتهم، يعني أنه لا يأسى عليهم، لأنهم ليسوا أحقاء بالأسى.
تنبيه
قال الجشمي: من أحكام الآية أنها تدل على أن قوم شعيب أهلكوا بعذاب الإستئصال لما لم يقبلوا نصيحة نبيهم، فتدل على وجوب قبول النصيحة في الدين. وتدل على أنه لا يجوز الحزن على هلاك الكفرة والظلمة، بل يجب أن يحمد الله ويشكر، كما قال تعالى:
{ { فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام: 45].
لطيفة
ذكروا أن شعيباً، عليه السلام، يقال له خطيب الأنبياء لفصاحة عبارته، وجزالة موعظته، وأصله ما أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنه عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيباً يقول:
" ذاك خطيب الأنبياء، لحسن مراجعته قومه " .
والمراجعة مفاعلة من الرجوع، وهي مجاز عن المحاورة. يقال: راجعه القول، وإنما عنى النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكر في هذه السورة، كما يعلم بالتأمل فيه. كذا في " العناية ".
ثم أشار تعالى إلى أحوال سائر الأمم مع أنبيائهم إجمالاً، إثر بيان الأمم المذكورة تفصيلاً فقال سبحانه:
{ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء ... }.