التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً
٢٦
إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً
٢٧
رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً
٢٨
-نوح

محاسن التأويل

{ وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً } أي: أحداً.
قال ابن جرير: يعني بـ: الديَّار من يدور في الأرض فيذهب ويجيء فيها، وهو فَيْعال من الدوران، ديواراً اجتمعت الياء والواو، فسبقت الياء الواو وهي ساكنة، وأدغمت الواو فيها، وصيرتا ياء مشددة. والعرب تقول: ما بها ديّار ولا عريب ولا دَوِيّ ولا صافر ولا نافخ ضَرَمة.
{ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ } عن طريق الحق.
{ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً } قال أبو السعود: أي: إلا من سيفجر ويكفر، فوصفهم بما يصيرون إليه، وكأنه اعتذار مما عسى يرد عليه، من أن الدعاء بالاستئصال مع احتمال أن يكون من أخلافهم من يؤمن، منكر، وإنما قاله لاستحكام علمه بما يكون منهم ومن أعقابهم بعد ما جربهم، واستقرأ أحوالهم قريباً من ألف سنة.
وقال بعضهم: ملَّ نوح عليه السلام من دعوة قومه وضجر، واستولى عليه الغضب، ودعا ربه لتدمير قومه وقهرهم، وحكم بظاهر الحال أن المحجوب الذي غلب عليه الكفر لا يلد إلا مثله، فإن النطفة التي تنشأ من النفس الخبيثة المحجوبة، وتتربى بهيئاتها المظلمة، لا تقبل إلا نفساً مثلها، كالبذر الذي لا ينبت إلا من صنفه وسنخه. انتهى.
{ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } قال ابن جرير: أي: ربِّ اعفُ عني، واستر عليّ ذنوبي وعلى والديّ، { وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً } قال ابن جرير: أي: لمن دخل مسجدي ومصلاي، مصلياً مؤمناً بواجب فرضك عليه. وقيل: بيتي منزلي.
{ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً } أي: هلاكاً وخساراً.