{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } أي: مرهونة ومحبوسة به عند الله تعالى: { إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ } أي: فإنهم فكوا رقابهم بما أطابوه من كسبهم، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق, { فِي جَنَّاتِ } أي: هم في جنات لا يدرك وصفها { يَتَسَاءلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ } أي: يسألون عنهم. وإيثار صيغة التفاعل للتكثير، ومنه دعوته وتداعيناه.
وقال القاشاني: أي: يسأل بعضهم بعضاً عن حال المجرمين، لاطلاعهم عليها، وما أوجب تعذيبهم وبقاءهم في سقر، فأجاب المسؤولون بأنا سألناهم عن حالهم بقولنا: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } أي: بلسان الحال أو المقال.
{ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِين َ *و كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ } أي: كنا موصوفين بهذه الرذائل من اختيار الراحات البدنية، ومحبة المال، وترك العبادات البدنية، والخوض في الباطل، والهزء والهذيان، والتكذيب بالجزاء، وإنكار المعاد.
{ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ } أي: الموت، فرأينا به ما كنا ننكره عياناً.
{ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } أي: من نبيّ أو ملك، لو قدر على سبيل فرض المحال، لأنهم غير قابلين لها. فلا إذن في الشفاعة لذلك. فلا شفاعة، فلا تنفع.
قال ابن جرير: أي: فما يشفع لهم الذين شفعهم الله في أهل الذنوب من أهل التوحيد، فتنفعهم شفاعتهم. وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الله تعالى ذِكره، مشفِّع بعض خلقه في بعض.