التفاسير

< >
عرض

فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ
٤٩
كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ
٥٠
فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ
٥١
بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً
٥٢
كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلآخِرَةَ
٥٣
كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ
٥٤
فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ
٥٥
وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ
٥٦
-المدثر

محاسن التأويل

{ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } أي: فما لهؤلاء المشركين عن تذكرة الله إياهم بهذا القرآن معرضين، لا يستمعون لها، فيتعظوا ويعتبروا.
{ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ } أي: كأنهم في الإعراض عن الذكرى، وبلادة قلوبهم، حمر شديدة النفار.
{ فَرَّتْ مِن قَسورة } أي: أسد، أو عصبة قنص من الرماة.
{ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } أي: ينزل عليه كتاب كما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، ونحوه آية:
{ { وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ } [الأنعام: 124]، وآية: { { وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ } [الإسراء: 93]، وآية { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } [الأنعام: 7] الآية.
{ كُلاَ } أي: لا يكون مرادهم، ولا يتبع الحق أهوائهم. أو ليس إرادتهم تلك للرغبة في الإيمان، فقد جاءهم ما يكفيهم عن اقتراح غيره، وإنما هم مردة الداء، ولذا قال: { بَل لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ } أي: لا يؤمنون بالبعث والجزاء، ولا يخشون العقاب، لإيثارهم العاجلة. أي: فذلك الذي دعاهم إلى الإعراض عن تذكرة الله، والإباء عن الإيمان بتنزيله.
{ كُلاَ } ردع عن إعراضهم { كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاء ذَكَرَهُ } أي: فاتعظ وعمل بما فيه من أمر الله ونهيه.
{ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ } أي: ذكرهم واتعاظهم، لأنه لا حول لهم ولا قوة إلا به سبحانه. وفيه ترويح لقلبه صلوات الله عليه، مما كان يخامره من إعراضهم، ويحرص عليه من إيمانهم { هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى } أي: حَقيقٌ بأن يتقى عقابه، ويؤمن به ويطاع.
{ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } أي: حقيق بأن يغفر لمن آمن به وأطاعه.