التفاسير

< >
عرض

إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً
٣
-الإنسان

محاسن التأويل

{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ } أي: سبيل الخير والشر والنجاة والهلاك، أي: عرّفناه وبيَّنا له ذلك، بأدلة العقل والسمع { إِمَّا شَاكِراً } أي: بالاهتداء والأخذ فيه { وَإِمَّا كَفُوراً } أي: بالإعراض عنه. ونصبهما بـ: يكون مقدرة، أي: ليكون إما شاكراً وإما كفوراً، أي: ليتميز شكره من كفره، وطاعته من معصيته، كقوله: { { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [الملك: 2].
قال الرازي: قال القفال: ومجاز هذه الكلمة على هذا التأويل قول القائل: قد نصحت لك، إن شئت فاقبل، وإن شئت فاترك، أي: فإن شئت فتحذف الفاء. فكذا المعنى { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ } فإما شاكراً وإما كفوراً، فتحذف الفاء. وقد يحتمل أن يكون ذلك على جهة الوعيد. أي: إنا هديناه السبيل فإن شاء فليكفر، وإن شاء فليشكر؛ فإنا أعتدنا للكافرين كذا وللشاكرين كذا. كقوله:
{ { وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ } [الكهف: 29]. انتهى.
لطيفة:
قال في "النهر": لما كان الشكر قلّ من يتصف به قال: { شَاكِراً } ولما كان الكفر كثيراً من يتصف به ويكثر وقوعه من الْإِنْسَاْن بخلاف الشكر قال: { كَفُوراً } بصيغة المبالغة. انتهى.
وهذا ألطف من القول بمراعاة رؤوس الآي.