التفاسير

< >
عرض

فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ
١٥
ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ
١٦
وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ
١٧
وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ
١٨
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
١٩
ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ
٢٠
مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ
٢١
-التكوير

محاسن التأويل

{ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ } أي: الرواجع من النجوم، من خنَس إذا رجع وتأخر. قال الزمخشريّ: بينا ترى النجم في آخر البرج، إذ كرّ راجعاً إلى أوله.
{ الْجَوَارِ } جمع جارية، من الجري { الْكُنَّسِ } أي: الغيّب التي تدخل في بروجها، في رأي العين، من: كنس الوحش إذا دخل كناسهُ وهو بيتهُ المتخذ من أغصان الشجر، فهو في الأصل مجاز بطريق التشبيه، ثم صار بالغلبة في الاستعمال حقيقة.
{ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } أي: أدبر ولم يبق إلا اليسير، وذلك وقت السحر.
{ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } أي: أقبل وتَبيّن، أو هبّ نسيمه اللطيف أو انجابت عنه غمة الليل وكربته؛ تشبيهاً بمن نفس عنه كربه. قال الإمام: أقسم الله تعالى بهذه الدراريّ ليُنوه بشأنها من جهة ما في حركاتها من الدلائل على قدرة مصرّفها ومقدرها؛ وإرشاد تلك الحركات إلى ما في كونها من بديع الصنع وإحكام النظام، مع نعتها في القسم بما يبعدها عن مراتب الألوهية من الخنوس والكنوس؛ تقريعاً لمن خصها بالعبادة واتخذها من دونه أرباباً. وفي الليل إذا أدبر زوال تلك الغمة التي تغمر الأحياء بانسدال الظلمة بعد ما استعادت الأبدان نشاطها وانتعشت من فتورها. وفي الصبح إذا تنفس بشرى الأنفس بالحياة الجديدة في النهار الجديد، تنطلق فيه الإرادات إلى تحصيل الرغبات وسد الحاجات والاستدراك والاستعداد لما هو آت. انتهى.
وجواب القسم قوله تعالى: { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } يعني روح القدس الذي ينفث في روعِه صلى الله عليه وسلم وهو جبريل عليه السلام. والضمير إما للبعث والجزاء، المفهوم من قوله تعالى: { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } أو للمذكور وهو هذا أو للقرآن { ذِي قُوَّةٍ } أي: على تحمُّل أعباء الرسالة، وعلى كل ما يؤمر به، كما تقدم في قوله تعالى:
{ { شَدِيدُ الْقُوَى } [النجم: 5] , { عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ } أي: صاحب مكانة وشرف ومنزلة لديه تعالى { مُطَاعٍ ثَمَّ } أي: في الملأ الأعلى { أَمِينٍ } أي: على وحيه تعالى ورسالته.