التفاسير

< >
عرض

فَأيْنَ تَذْهَبُونَ
٢٦
إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
٢٧
لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ
٢٨
وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٢٩
-التكوير

محاسن التأويل

{ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ } أي: أي: مسلك تسلكون، وقد قامت عليكم الحجة؟ لا جَرَم أنكم تنحون الضلال بعد هذه المزاعم في الوحي ومبلغه، فمن سلك طرقها فقد بعد عن الصواب، بما لايضبط ولم يتقرّب إليه بوجه، كمن سلك طريقاً يبعدهُ عن سمت مقصد، فيقاٍل: أين تذهب.
قال الزمخشريّ: استضلال لهم، كما يقال لتارك الجادّة اعتسافاً أو ذهاباً في بنيّات الطريق: أين تذهب؟ مُثلت حالهم بحاله، في تركهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل. { إِنْ هُوَ } أي: القرآن المتلوّ عليكم { إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } أي: تذكرة وعظة لهم.
قال الإمام: موعظة يتذكّرون بها ما غرز الله في طباعهم من الميل إلى الخير؛ وإنما أنساهم ذكره ما طرأ على طباعهم من ملكات السوء التي تحدثها أمراض الاجتماع. وقوله تعالى: { لِمَن شَاء مِنكُمْ أن يَسْتَقِيمَ } بدل من { الْعَالَمِين } أي: إنه ذكرى لمن أراد الاستقامة على الطريق الحق، بصرف إرادته وميله إليه والثبات عليه، أما من أعرض ونأى، فمن أين تنفعهُ الذكرى، وقد زادهُ الران عمى؟
وقوله تعالى: { وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } أي: وما تشاؤون شيئاً من فعالكم، إلا أن يشاء الله تمكينكم من مشيئتكم وإقداركم عليها والتخلية بينكم وبينها. وفائدة هذا الإخبار هو الإعلام بالافتقار إلى الله تعالى، وأنه لا قدرة للعبد على ما لم يقدرهُ الله عز وجل؛ فهو خاضع لسلطان مشيئته، مقهور تحت تدبيره وإرادته.