التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ
٣٢
وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ
٣٣
فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ
٣٤
عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ
٣٥
هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
٣٦
-المطففين

محاسن التأويل

{ وَإِذَا رَأَوْهُمْ } أي: رأوا المؤمنين { قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ } أي: لتركهم ما عليه العامة، والاعتصام بغيره. وقوله تعالى: { وَمَا أُرْسِلُوا } أي: هؤلاء المجرمون القائلون ما ذكر { عَلَيْهِمْ } أي: على المسلمين { حَافِظِينَ } أي: لأعمالهم. جملة حالية من: واو { قَالُوا } أي: قالوا ذلك، والحال أنهم ما أرسلوا من جهة الله تعالى موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم، ويهيمنون على أعمالهم، ويشهدون برشدهم وضلالهم. وهذا تهكم بهم وإشعار بأن ما اجترؤوا عليه من القول، من وظائف من أرسل من جهته تعالى. وقد جوِّز أن يكون ذلك من جملة قول المجرمين، كأنهم قالوا: إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا علينا حافظين. إنكاراً لصدهم عن الشرك ودعائهم إلى الإسلام، وإنما قيل: { عَلَيْهِمْ } نقلاً له بالمعنى كما في قولك: حلف ليفعلنّ، لا بالعبارة، كما في قولك: حلف لأفعلنّ، أفاده أبو السعود
{ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } تفريع على ما قبله، للدلالة على أنه جزاء سخريتهم في الدنيا، و اليوم: يوم الدين والجزاء. وضحكهم من الكفار ضحك السرور بما نزل بعدوّه من الهوان والصغار، بعد العزة والكبر.
{ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ } إلى ما أوتوا من النعيم، وما حل بالمجرمين من عذاب الجحيم { هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } أي: جوزوا ثواب ما كانوا يفعلون في الدنيا.
والجملة متعلقة بـ { يَنظُرُونَ } في محل نصب بعد إسقاط الجار، أو مستأنفة. والاستفهام للتقرير كأنه خطاب للمؤمنين، تعظيماً لهم وتكريماً وزيادة في مسرتهم، أي: هل رأيتم كيف جازى الله الكافرين بأعمالهم، أي: أنه فعل. و ما مصدرية أو موصولة. وثوّبهُ وأثابه بمعنى جازاهُ، وهو من ثاب، بمعنى رجع. فالثواب ما يرجع على العبد في مقابلة عمله، ويستعمل في الخير والشر.
ونظير هذه الآيات قوله تعالى:
{ { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ } [المؤمنون: 108 - 111].