التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ
١٥
وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ
١٦
-الفجر

محاسن التأويل

ثم أشار إلى غفلة الْإِنْسَاْن في حالي غناه وفقره، ونعى عليه شأنه فيهما، بما يقرر ما تقدم من استحقاقه صبّ العذاب، بقوله تعالى: { فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ } أي: بالغنى واليسار { فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ } أي: فضّلني، لما لي عندهُ من الكرامة.
{ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } أي ضيقه عليه وقتره، فلم يكثر مالهُ ولم يوسع عليه { فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ } أي: أذلني بالفقر؛ وذلك لسوء فكره وقصور نظره في الحالين، فإنه إنما ابتلاه بالغنى ليقوم بواجبه ويعرف حق الله فيه، وبالفقر ليظهر بمظهر العفاف ويتخلق بخلق الصبر على الكفاف. ففي كل ابتلاء وامتحان ليميز الله الخبيث من الطيب، ونظير الآية، آية:
{ { وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً } [الأنبياء: 35] وآية: { { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ } [المؤمنون: 55 - 56] وآية: { { إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ } [المعارج: 19 - 22].