التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ
٦
-البينة

محاسن التأويل

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ } أي: بالله ورسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فجحدوا نبوته { مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } أي: شر من برَأه الله وخلقه. قال الإمام: لأن منكر الحق - بعد معرفته وقيام الدليل عليه - منكر في الحقيقة لعقل نفسه، مهلك لروحه، جالب الهلاك لغيره.
لطائف:
الأولى: دلت هذه الآية والتي قبلها على أن عنوان المشركين، لا يتناول أهل الكتاب في عرف القرآن، بل هو خاص بالوثنيين، أعني من يدينون بالإشراك وتعدد الأرباب، فأهل الكتاب - وهم اليهود والنصارى - لا يتناولهم ذلك العنوان وإن دخل في عقائدهم الشرك؛ لأنه دخيل لا أصيل، ولذلك ينفرون من وصمة الشرك، وبسببه حل النكاح منهم دون الوثنين.
الثانية: قال ابن جرير: العرب لا تهمز البرية. وبترك الهمزة فيها قرأتها قراء الأمصار، غير شيء يذكر عن نافع بن أبي نعيم، فإنه حكى بعضهم عنه أنه كان يهمزها، وذهب بها إلى قول الله { مِّن قَبْلِ أن نَّبْرَأَهَا } وأنها فعيلة من ذلك، وأما الذين لم يهمزوها، فإن لتركهم الهمز في ذلك وجهين: أحدهما: أن يكونوا تركوا الهمز فيها كما تركوه من الملك، وهو مفعل، من ألك، أو لأكَ، ومن يزى، و ترى و نرى، وهو تفعل من رأيت. والآخر: أن يكونوا وجهوها إلى أنها فعلية، من البراء وهو التراب. حكي عن العرب سماعاً فقيل: بفيك البراد، يعني به التراب. انتهى.