مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
قائمة التفاسير
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
١١١
بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
١١٢
وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ لَيْسَتِ ٱلنَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ ٱلنَّصَارَىٰ لَيْسَتِ ٱلْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ ٱلْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
١١٣
-البقرة
أضف للمقارنة
تفسير المنار
هذا بيان لحالين آخرين من أحوال أهل الكتاب في غرورهم بدينهم، ما كان المسلمون قبل نزول الآيات يعرفونها: أما الأولى فما بينه - تعالى - بقوله: { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى }، وهو عطف على قوله: { ود كثير من أهل الكتاب } أي قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى كذلك في أنفسهم، وهو اختصار بديع غير مخل. وهذه عقيدة الفريقين إلى اليوم، ولا ينافي انسحاب حكمها على الآخرين، أن نفرا من الأولين قالوا ذلك بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يروى، وقد بين لنا - تعالى - أن هذا القول لا حجة له في كتبهم المنزلة فقال: { تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين }، والأماني: جمع أمنية، وهي ما يتمناه المرء ولا يدركه. وهذا القول ناطق بأمنية واحدة ولكنها تتضمن أماني متعددة هي لوازم لها، كنجاتهم من العذاب وكوقوع أعدائهم فيه وحرمانهم من النعيم، ولهذا ذكر الأماني بالجمع ولم يقل: تلك أمنيتهم. وقد انفرد بهذا الوجه الأستاذ الإمام، وهناك وجوه أخرى وهي: أن الإشارة بتلك أمانيهم لقوله: { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب } الآية، وقوله: { ود كثير } وقوله { وقالوا لن يدخل الجنة } وقيل: إن في الكلام مضافا محذوفا أي أمثال تلك أمانيهم، ثم طالبهم - تعالى - بالبرهان على دعواهم، فقرر لنا قاعدة لا توجد في غير القرآن من الكتب السماوية، وهي أنه لا يقبل من أحد قولا لا دليل عليه، ولا يحكم لأحد بدعوى ينتحلها بغير برهان يؤيدها، ذلك أن الأمم التي خوطبت بالكتب السالفة لم تكن مستعدة لاستقلال الفكر ومعرفة الأمور بأدلتها وبراهينها؛ ولذلك اكتفى منهم بتقليد الأنبياء فيما يبلغونهم وإن لم يعرفوا برهانه، فهم مكلفون أن يفعلوا ما يؤمرون، سواء عرفوا لماذا أمروا أو لم يعرفوا، ولكن القرآن يخاطب من أنزل عليه بمثل قوله:
{
{ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني }
[يوسف: 108] وقد فسروا البصيرة بالحجة الواضحة، ويستدل على قدرة الله وإرادته وعلمه وحكمته ووحدانيته بالآيات الكونية، وهي كثيرة جدا في القرآن، وبالأدلة النظرية والعقلية كقوله:
{
{ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }
[الأنبياء: 22] وغير ذلك، ويستدل على الأحكام بما يترتب عليها من نفي المضرات والإفضاء إلى المنافع.
علم القرآن أهله أن يطالبوا الناس بالحجة؛ لأنه أقامهم على سواء المحجة. وجدير بصاحب اليقين أن يطالب خصمه به ويدعوه إليه، وعلى هذا درج سلف هذه الأمة الصالح، قالوا بالدليل وطالبوا بالدليل ونهوا عن الأخذ بشيء من غير دليل، ثم جاء الخلف الطالح فحكم بالتقليد، وأمر بالتقليد، ونهى عن الاستدلال على غير صحة التقليد، حتى كأن الإسلام خرج عن حده، أو انقلب إلى ضده، وصار الذين يعلمون أن الإسلام امتاز عن سائر الأديان بإبطال التقليد، وبالمطالبة بالبرهان والدليل، وعلم الناس استقلال الفكر، مع المشاورة في الأمر، يطالبون المسلمين بالرجوع إلى الدليل، ويعيبون عليهم الأخذ بقال وقيل، ويا ليته كان الأخذ بقال الله، وقيل فيما يروى عن رسول الله، ولكنه الأخذ بقال فلان وقيل عن علان
{ إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان }
[النجم: 23].
قال - تعالى - ردا عليهم: { بلى } وهي كلمة تذكر في الجواب لإثبات نفي سابق، فهي مبطلة لقولهم: { لن يدخل الجنة }... إلخ، أي بلى إنه يدخلها من لم يكن هودا ولا نصارى؛ لأن رحمة الله ليست خاصة بشعب دون شعب، وإنما هي مبذولة لكل من يطلبها ويعمل لها عملها، وهو ما بينه
سبحانه
وتعالى
بقوله: { من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه }. إسلام الوجه لله: هو التوجه إليه وحده وتخصيصه بالعبادة دون سواه، كما أشار إلى ذلك في قوله:
{ إياك نعبد وإياك نستعين }
[الفاتحة: 5] وغيرها من الآيات، وقد عبر هنا عن إسلام القلب وصحة القصد إلى الشيء بإسلام الوجه، كما عبر عنه بتوجيه الوجه في قوله - تعالى - حكاية عن إبراهيم:
{ إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض }
[الأنعام: 79] لأن قاصد الشيء يقبل عليه بوجهه لا يوليه دبره، فلما كان توجيه الوجه إلى شيء له جهة تابعا لقصده واشتغال القلب به عبر عنه به، وجعل التوجه بالوجه إلى جهة مخصوصة (وهي القبلة) بأمر الله مذكرا بإقبال القلب على الله الذي لا تحدده الجهات، فالإنسان يتضرع ويسجد لله - تعالى - بوجهه، وعلى الوجه يظهر أثر الخشوع، وظاهر أن المراد من إسلام الوجه لله توحيده بالعبادة والإخلاص له في العمل، بألا يجعل العبد بينه وبينه وسطاء يقربونه إليه زلفى؛ فإنه أقرب إليه من حبل الوريد، ومن هنا يفهم معنى الإسلام الذي يكون به المرء مسلما.
ذكر التوحيد والإيمان الخالص ولم يحمل عليه الوعد بالأجر عند الله - تعالى - واستحقاق الكرامة في دار المقامة إلا بعد أن قيده بإحسان العمل، فقال: { بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه }، وتلك سنة القرآن تقرن الإيمان بعمل الصالحات، كقوله:
{
{ ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا * ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا }
[النساء: 123 - 124] وهذا في معنى الآيات التي نفسرها، نفى أماني المسلمين كما نفى أماني أهل الكتاب، وجعل أمر سعادة الآخرة منوطا بالإيمان والعمل الصالح معا. وكقوله:
{ فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه }
[الأنبياء: 94] الآية.
ثم بعد أن أثبت للمسلم وجهه إلى الله والمحسن في عمله الأجر عند الله، نفى عنه الخوف الذي يرهق الكافرين والمسيئين في هذه الدنيا وفي تلك الدار الآخرة والحزن الذي يصيبهم فقال: { ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ولا شك أن المخاوف والأحزان تساور الذين لبسوا إيمانهم بظلم الوثنية، وأساءوا أعمالهم بالإعراض عن الهداية الدينية.
ترى أصحاب النزغات الوثنية في خوف دائم مما لا يخيف؛ لأنهم يعتقدون بثبوت السلطة الغيبية القاهرة لكل ما يظهر لهم منه عمل لا يهتدون إلى سببه ولا يعرفون تأويله، يستخذون للدجالين والمشعوذين، ويرتعدون من حوادث الطبيعة الغريبة، إذا لاح لهم نجم مذنب تخيلوا أنه منذر يهددهم بالهلاك، وإذا أصابتهم مصيبة بما كسبت أيديهم من الفساد توهموا أنها من تصرف بعض العباد، وتراهم في جزع وهلع من حدوث الحوادث، ونزول الكوارث، لا يصبرون في البأساء والضراء، ولا ينفقون في الرخاء والسراء
{ إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا * إلا المصلين * الذين هم على صلاتهم دائمون }
[المعارج: 19 - 23] هذه حال من فقد التوحيد الخالص وحرم من العمل الصالح في هذه الحياة الدنيا
{
{ ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون }
[فصلت: 16] وإنما كان صاحب النزغات الوثنية في خوف مما يستقبله، وحزن مما ينزل به؛ لأن ما اخترعه له وهمه من السلطة الغيبية لغير الله التي يحكمها في نفسه، ويجعلها حجابا بينه وبين ربه، لا يمكنه أن يعتمد في الشدائد عليها، ولا يجد عندها غناء إذا هو لجأ إليها، وما هو من سلطتها على يقين، وإنما هو من الظانين أو الواهمين.
وأما ذو التوحيد الخالص فهو يعلم أنه لا فاعل إلا الله - تعالى -، وأنه من رحمته قد هدى الإنسان إلى السنن الحكيمة التي يجري عليها في أفعاله، فإذا أصابه ما يكره، بحث في سببه واجتهد في تلافيه من السنة التي سنها الله - تعالى - لذلك، فإن كان أمرا لا مرد له، سلم أمره فيه إلى الفاعل الحكيم، فلا يحار ولا يضطرب؛ لأن سنده قوي عزيز، والقوة التي يلجأ إليها كبيرة لا يعجزها شيء، فإذا نزل به سبب الحزن أو عرض له مقتضى الخوف لا يكون أثرهما إلا كما يطيف الخاطر بالبال، ولا يلبث أن يعرض له الزوال
{
{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب }
[الرعد: 28] فكأنه - تعالى - يقول لأهل الكتاب: لا تغرنكم الأماني ولا يخدعنكم الانتساب الباطل إلى الأنبياء، فهذه هي طريق الجنة، أسلموا وجوهكم لله تسلموا، واعملوا الصالحات تؤجروا، وقد أفرد الضمير في قوله: { فله أجره } مراعاة للفظ { من }، وجمعه في قوله: { ولا خوف عليهم }... إلخ مراعاة لمعناها.
بعد أن ذكر تزكية كل فريق من أهل الكتاب نفسه، وحكمه بحرمان غيره من رحمة الله كيفما كانت حاله ذكر طعن كل فريق منهما بالآخر خاصة فقال: { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء } من الدين حقيقي يعتد به، فالشيء في اللغة: هو الموجود المتحقق، و الاعتقادات الخيالية التي لا تنطبق على موجود في الخارج لا تسمى شيئا، فكفروا بعيسى وهم يتلون التوراة التي تبشر به، وتذكر من العلامات ما ينطبق عليه، ولا تزال اليهود إلى اليوم تدعي أن المسيح المبشر به في التوراة لما يأت، وتنتظر ظهوره وإعادته الملك إلى شعب إسرائيل { وقالت النصارى ليست اليهود على شيء } من الدين حقيقي يعتد به لإنكارهم المسيح المتمم لشريعتهم، يقول كل فريق منهم ما يقول { وهم يتلون الكتاب } أي يتلو كل منهم كتابه، فكتاب الأولين { التوراة } يبشر برسول منهم ظهر ولم يؤمنوا به فهم مخالفون لكتابهم، وكتاب الآخرين { الإنجيل } يقول بلسان المسيح: إنه جاء متمما لناموس موسى، لا ناقضا له، وهم قد نقضوه، فدينهم واحد، ترك بعضهم أوله، وبعضهم آخره فلم يؤمن به كله أحد منهم، والكتاب الذي يقرءون حجة عليهم.
ثم قال - تعالى -: { كذلك } أي نحو ذلك السخف والجزاف { قال الذين لا يعلمون } من مشركي العرب وغيرهم من أهل الملل { مثل قولهم }، تعصب كل لملته التي جعلها جنسية، وزعم أنها هي المنجية لكل من وسم بها ورضي باسمها ولقبها، والحق وراء جميع المزاعم لا يتقيد بأسماء ولا ألقاب، وإنما هو إيمان خالص وعمل صالح، ولو اهتدى الناس إلى هذا لما تفرقوا في الدين واختلفوا في أصوله ولكنهم تعصبوا وتحزبوا لأهوائهم، فتفرقوا واختلفوا في آرائهم { فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون }، فإنه هو العليم بما عليه كل فريق من حق وباطل. ولم يبين لنا - تعالى - هنا بماذا يحكم. وقال بعض المفسرين: إنه يكذبهم جميعا ثم يلقيهم في النار، ولكن الذي يدل عليه القرآن أنه يحق الحق ويجعل أهله في النعيم، ويبطل الباطل ويلقي بأهله في الجحيم.
هذا هو معنى الآية. ويروى في سبب نزولها أن يهود المدينة تماروا مع وفد نصارى نجران عند النبي - صلى الله عليه وسلم. فقال كل فريق منهم ما قال في إنكار حقيقة دين الآخر.
قال الأستاذ الإمام: إن فهم الآية لا يتوقف على هذه الرواية، فالآية تحكي لنا اعتقاد كل طائفة بالأخرى سواء قال ذلك من ذكر أو لم يقله. على أن ما يروى في أسباب النزول من مثل ذلك هو من تاريخ الآيات وما فيها من الوقائع، وما روي في أسباب النزول عندنا غير كاف في ذلك، فلا بد لنا من البحث والاطلاع على تاريخ الملل والأمم التي تكلم عنها القرآن؛ لأجل أن نفهمه تمام الفهم ونعرف ما يحكيه عنهم من العقائد والشئون والأعمال، هل كان عاما فيهم أو كان في طائفة منهم وأسند إلى الأمة لما نبهنا عليه مرارا من إرادة تكافلها، ومؤاخذة الجميع بما يصدر عن بعض الأفراد لأنهم كلفوا إزالة المنكر والتناهي عنه؟
والعبرة في الآية أن أهل الكتاب في تضليل بعضهم بعضا واعتقاد كل واحد في الآخر أنه ليس على شيء حقيقي من أمر الدين، مع أن كتاب اليهود أصل لكتاب النصارى، وكتاب النصارى متمم لكتاب اليهود، قد صاروا إلى حال من التهافت واتباع الأهواء لا يعتد معها بقول أحد منهم في نفسه ولا في غيره، فطعنهم في النبي - صلى الله عليه وسلم - وإعراضهم عن الإيمان به لا ينهض حجة على كونهم علموا أنه مخالف للحق، بل لا يصلح شبهة على ذلك؛ لأنهم أهل أهواء وتعصب للمذاهب المبتدعة والآراء. فإذا كانت اليهود كفرت بعيسى وأنكرته - وهو منهم - وهم ينتظرونه لإعادة مجدهم وتجديد عزهم، وإذا كانت النصارى قد رفضت التوراة وكفرت أهلها - وهي حجتهم على دينهم - فكيف يعتد بكفر هؤلاء وهؤلاء بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهو من شعب غير شعبهم، وقد جاء بشريعة ناسخة لشرائعهم، وهم لا يفهمون من الدين إلا أنه جنسية دنيوية لهم؟!.
وفي الآية إرشاد إلى بطلان التقليد، مؤيد لما في الآية التي تطالب المدعي بالبرهان، وإلى النعي على المقلدين المتعصبين لآرائهم، المتبعين لأهوائهم، وإلى التحري في الحكم على الشيء يعتقد الحاكم بطلانه؛ لأنه مخالف لما يعتقده، فلا ينبغي للعاقل أن يحكم على شيء إلا بعد البحث والتحري ومعرفة مكان الخطأ والتزييل بينه وبين ما عساه يكون معه صوابا. ألم تر أن سياق الآيات ناطق بإنكار حكم كل من الفريقين على الآخر من غير بينة ولا برهان ولا فصل ولا فرقان، مع أن كل واحد منهم على شيء من الحق وشيء من الباطل؛ لأن أصل دينه حق ثم طرأت عليه نزعات الوثنية والبدع، وعرض له التحريف والتأويل، فتجريده من كل حق لم يكن إلا تعصبا للتقاليد من غير بينة ولا تمحيص، وأنى للمقلدين بذلك؟ وانظر كيف ألحق التقليد أهل الكتاب الذين كانوا على علم بالدين الإلهي بالمشركين الذين لا يعلمون منه شيئا؟ هذا ما فعله التقليد بهم، وبمن بعدهم؛ لأنه عدو للعلم في كل زمان وكل مكان.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2025 © جميع الحقوق محفوظة