مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
قائمة التفاسير
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٣٥
قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
١٣٦
فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١٣٧
صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ
١٣٨
-البقرة
أضف للمقارنة
تفسير المنار
وإن لم يشرب فالعاصي ينجو بصلاح والده. والآيات التي تؤيد هذه الآية كثيرة جدا، فهي أصل من أصول الدين الإلهي لا يفيد معها تأويل المغرورين ولا غرور الجاهلين، بين في هذه الآيات السابقة حقيقة ملة إبراهيم في سياق دعوة العرب إلى الإسلام، ثم أشرك معهم أهل الكتاب لأنهم أقرب إلى الإيمان بإبراهيم وأجدر بإجلاله واتباعه، وانتقل الكلام بهذه المناسبة إلى بيان وحدة الدين الإلهي واتفاق النبيين في جوهره، وبيان جهل أهل الكتاب بهذه الوحدة، وقصر نظرهم على ما يمتاز به كل دين من الفروع والجزئيات، أو التقاليد التي أضافوها على التوراة والإنجيل، فبعد بها كل فريق من الآخر أشد البعد، وصار الدين الواحد كفرا وإيمانا، كل فريق من أهله يحتكر الإيمان لنفسه ويرمي الآخر بالكفر والإلحاد، وإن كان نبيهم واحدا وكتابهم واحدا.
فقوله - تعالى -: {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا} بيان لعقيدة الفريقين في التفرق في الدين، والضمير في {وقالوا} لأهل الكتاب و {أو} للتوزيع أو التنويع، أي إن اليهود يدعون إلى اليهودية التي هم عليها ويحصرون الهداية فيها، والنصارى يدعون إلى النصرانية التي هم عليها ويحصرون الهداية فيها - وهذا الأسلوب معهود في اللغة - ولو صدق أي واحد منهما لما كان إبراهيم مهتديا؛ لأنه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، وكيف وهم متفقون على كونه إمام الهدى والمهتدين؛ لذلك قال - تعالى - ملقنا لنبيه البرهان الأقوى في محاجتهم {قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} أي بل نتبع أو اتبعوا ملة إبراهيم الذي لا نزاع في هداه ولا في هديه، فهي الملة الحنيفية القائمة على الجادة بلا انحراف ولا زيغ، العريقة في التوحيد والإخلاص بلا وثنية ولا شرك.
والحنيف في اللغة: المائل، وإنما أطلق على إبراهيم؛ لأن الناس في عصره كانوا على طريقة واحدة وهي الكفر، فخالفهم كلهم وتنكب طريقتهم، ولا يسمى المائل حنيفا إلا إذا كان الميل عن الجادة المعبدة، وفي الأساس: من مال عن كل دين أعوج، ويطلق على المستقيم، وبه فسر الكلمة بعضهم، أورد له شاهدا من اللغة وهو أقرب. ومن التأويلات البعيدة: ما روي من تفسير الحنيف بالحاج ووجه القول به أنه مما حفظ من دين إبراهيم.
الأستاذ الإمام: قال بعض المشتغلين بالعربية من الإفرنج: إن الحنيفية هي ما كان عليه العرب من الشرك، واحتجوا على ذلك بقول بعض النصارى في زمن الجاهلية: إن فعلت هذا أكون حنيفيا. وإنها لفلسفة جاءت من الجهل باللغة، وقد ناظرت بعض الإفرنج في هذا فلم يجد ما يحتج به إلا عبارة ذلك النصراني، وهو الآن يجمع كل ما نقل عن العرب من هذه المادة لينظر كيف كانوا يستعملونها، ولا دليل في كلمة النصراني العربي على أن الكلمة تدل لغة على الشرك، وإنما مراده بكلمته البراءة من دين العرب مطلقا؛ ذلك أن بعض العرب كانوا يسمون أنفسهم الحنفاء وينتسبون إلى إبراهيم ويزعمون أنهم على دينه، وكان الناس يسمونهم الحنفاء أيضا، والسبب في التسمية والدعوى أن سلفهم كانوا على ملة إبراهيم حقيقة ثم طرأت عليهم الوثنية فأخذتهم عن عقيدتهم وأنستهم أحكام ملتهم وأعمالها - نسوا بعضها بالمرة وخرجوا ببعض آخر عن أصله ووصفه كالحج، ونفي الشرك عن إبراهيم في آخر الآية احتراس من وهم الواهمين، وتكذيب لدعوى المدعين.
أقول: لا بدع أن ينسى الأميون ما كانوا عليه، فإن أهل الكتاب خرجوا بدينهم عن وضعه الأول فنسوا بعضا وحرفوا بعضا، وزادوا فيه ونقصوا منه؛ فاليهود أضافوا التلمود إلى ما عندهم من التوراة، وسموا مجموع ذلك مع تفاسيره وآراء أحبارهم فيه اليهودية. وأما النصارى فقد ظهر دينهم بشكل لو رآه الحواريون الذين أخذوا الدين عن المسيح مباشرة لما عرفوا أي دين هو. وهؤلاء المسلمون على حفظ كتابهم في الصدور والسطور يعملون باسم الدين أعمالا يظنها الجاهلون بدينهم أعظم أركان الدين، وما هي من الدين وإنما هي بدع المضلين، فالإفرنج يكتبون في رحلاتهم أن رقص المولوية من أعظم العبادات الإسلامية، وأن ما يكون في جامع القلعة في ليالي المولد والمعراج ونصف شعبان من الرقص والعزف بالطبول والدفوف وغيرها من أهم الشعائر الإسلامية، وسماها بعضهم (الصلاة الكبرى) ولولا أن القرآن محفوظ وسنة الرسول وسيرة السلف الصالح مدونتان في الكتب لنسينا الأصل واكتفينا بهذه البدع، فإن مئات الألوف التي تحج إلى مشاهد أهل البيت والجيلاني بالعراق، والبدوي وأمثاله بمصر كل عام لا يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويحج البيت منهم إلا أقلهم، وهم في عبادتهم الباطلة أخشع منهم في عبادتهم المشروعة، ولكن الله أراد بقاء هذا الدين وحفظه وسيرجع إلى كتابه الراجعون، ويهتدي به المهتدون ولو كره المقلدون، وعند ذلك تنقشع ظلمات هذه البدع التي هم فيها يتخبطون.
وقد توهم بعض العلماء أن هذا الجواب {بل ملة إبراهيم}... إلخ جاء على طريقة الإقناع وليس حجة حقيقية، ووجهوه بقولهم: إن أهل الكتاب يعاندون الحق ويكابرون في معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر الله نبيه بأن يلزمهم بالدلائل الإقناعية التي لا يقدرون على مكابرتها والمراء فيها. والحق أن هذا الجواب حجة حقيقية، وقد أشرنا إلى وجهها الوجيه أول الكلام في تفسير الآية. وقد تجرأ كثير من العلماء على مثل هذا الكلام في كثير من الآيات التي احتج بها القرآن حتى في إثبات الوحدانية، والسبب في ذلك افتتانهم بالطريقة النظرية التي أخذوها عن كتب اليونان، ولقد اهتدى بحجج القرآن الألوف وألوف الألوف، وقلما اهتدى بتلك الأدلة النظرية المحضة أحد من الناس، وإنما تفيد في وقوع شبهاتهم التي يوردونها على العقائد، ولا فائدة فيها سوى المراء والجدل، وقد محيت في عصرنا تلك الشبهات، ورغب الناس عن هاتيك النظريات، وقام بناء العلم على أسس الوقائع والحوادث والمجربات.
وقال (الجلال): إن الآية نزلت في يهود المدينة ونصارى نجران، فهم القائلون ما ذكر والتحقيق أن الآية في بيان طبيعة أهل الملتين كما تقدم، وقول يهود المدينة ونصارى نجران ما ذكر - إن صح - لا يقتضي التخصيص، فإنهم ما قالوا إلا ما هو لسان حال ملتهم. وغيرهم يقول مثل قولهم، أو يصدق القائلين باعتقاده وسيرته.
أمر الله النبي بأن يدعو إلى اتباع ملة إبراهيم، ثم أمر المؤمنين بمثل ذلك فقال: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط} أي لا تكن دعوتكم إلى شيء خاص بكم يفصل بينكم وبين سائر أهل الأديان السماوية، بل انظروا إلى جهة الجمع والاتفاق، وادعوا إلى أصل الدين وروحه الذي لا خلاف فيه ولا نزاع، وهو التسليم بنبوة جميع الأنبياء والمرسلين، مع الإسلام لرب العالمين، لا نعبد إلا الله، ولا نفرق بين أحد من رسل الله.
والأسباط أولاد يعقوب، والفرق أو الشعوب الإثنى عشر المتشعبة منهم. قال - تعالى -:
{ وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما }
[الأعراف: 160] وقد ورد أن أولاد يعقوب كانوا أنبياء ولم يرد أنهم كانوا مرسلين، فإن صح هذا كما يفهم من إطلاق الأستاذ الإمام في الدرس، فالمراد بالأسباط الإطلاق الأول، وإلا كان في الكلام تقدير مضاف، أي أنبياء الأسباط، كأنه قال: وسائر أنبياء بني إسرائيل وهو المختار، ولم يصح في نبوة غير يوسف من أبناء يعقوب شيء.
{وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم} قال الأستاذ الإمام: وهاهنا نكتة دقيقة في اختلاف التعبير عن الوحي الذي منحه الله الأنبياء إذ عبر بأنزل تارة وبأوتي تارة أخرى، وهي أن التعبير بأنزل ذكر هنا في جانب الأنبياء الذين ليس لهم كتب تؤثر، ولا صحف تنقل، وذلك أن إنزال الوحي على نبي لا يستلزم إعطاءه كتابا يؤثر عنه، وهذا ظاهر إذا كان النبي غير مرسل فإن الوحي إليه يكون خاصا به، ويكون إرشاده للناس أن يعملوا بشرع رسول آخر إن كان بعث فيهم رسول وإلا كان قدوة في الخير ومعدا للنفوس لبعثة نبي مرسل، وأما النبي المرسل فقد يؤمر بالتبليغ الشفاهي ولا يعطى كتابا باقيا، وقد يكتب ما يوحى إليه في عصره فيضيع من بعده، فهؤلاء الرسل الكرام الذين عبر عنهم بقوله: {وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط} لا يؤثر عن أحد منهم كتاب مسند صحيح ولا غير صحيح، وأننا نؤمن بأنهم كانوا أنبياء، وأن ما نزل عليهم هو دين الله الحق، وأنه موافق في جوهره وأصوله لما أنزل على من بعدهم. وما ذكر الله من ملة إبراهيم بالنص هو روح ذلك الوحي كله، وقد جاء في سورة النجم وسورة الأعلى ذكر صحف لإبراهيم. وقال (الجلال) هنا: إنها عشر، فنؤمن أنه كان له صحف ولا نزيد على ما ورد شيئا، وأما إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط فلم يثبت أن لهم صحفا ولا كتبا، فنؤمن بما أنزل إليهم بالإجمال ونعتقد أنه عين ملة إبراهيم، وجاء التعبير عن وحي الذين كان لهم كتب تؤثر بقوله: {وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم} فهو يشير بالإيتاء إلى أن ما أوحي إليهم له وجود يمكن الرجوع إليه والنظر فيه، فإن أقوامهم يأثرون عنهم كتبا.
وأقول الآن: إن المراد الإيمان بما أنزل الله - تعالى - وما أعطاه لأولئك النبيين والمرسلين إجمالا، وأنه كان وحيا من الله فلا نكذب أحدا منهم بما ادعاه ودعا إليه في عصره، بصرف النظر عما طرأ عليه من ضياع بعضه وتحريف بعض، فإن ذلك لا يضرنا؛ لأن الإيمان التفصيلي والعمل مقصور على ما أنزل إلينا، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة
"أن أهل الكتاب كانوا يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا {آمنا بالله} الآية"
وروى ابن أبي حاتم في تفسيره عن معقل بن يسار مرفوعا
"آمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وليسعكم القرآن"
وأما ما ذكره شيخنا من نكتة اختلاف التعبير فيشكل بقوله في أول الآية: {وما أنزل إلينا} أي معشر المسلمين وهو القرآن وقوله بعد: {وما أوتي النبيون} ولم يعلم أنه كان لغير داود منهم كتاب منزل، على أن عدم العلم بكتب أنزلت على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق لا يدل على عدم تلك الكتب، ولعل نكتة اختلاف التعبير أن يشمل ما أوتي موسى وعيسى تلك الآيات التي أيدهما بها كما قال:
{ ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات }
[الإسراء: 101] وقال:
{ وآتينا عيسى بن مريم البينات }
[البقرة: 87] ثم قال: {وما أوتي النبيون من ربهم} ليدل على أن ذلك لم يكن خاصا بموسى وعيسى والله أعلم.
وقال بعد ما ذكر الفريقين: {لا نفرق بين أحد من رسله} أي سواء منهم من له كتاب يؤثر ومن ليس له ذلك، نؤمن بالجميع إجمالا ونأخذ التفصيل عن خاتمهم الذي بين لنا أصل ملتهم التي كانوا عليها وزادنا من الحكم والأحكام ما يناسب هذا الزمان وما بعده من الأزمان، والعمدة في الدين على إسلام القلب لله - تعالى - {ونحن له مسلمون}: أي مذعنون منقادون كما يقتضي الإيمان الصحيح ولستم كذلك أهل الكتاب، وإنما أنتم متبعون لأهوائكم وتقاليدكم لا تحولون عنها.
{فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا} قال صاحب الكشاف: إن الآية تعريض بأهل الكتاب وتبكيت لهم. وقال {الجلال}: إن لفظ {مثل} زائد واستنكر الأستاذ الإمام ذلك واستكبره كعادته، فإنه يخطئ كل من يقول: إن في القرآن كلمة زائدة أو حرفا زائدا. وقال: إن لمثل هنا معنى لطيفا ونكتة دقيقة، وذلك أن أهل الكتاب يؤمنون بالله وبما أنزل على الأنبياء ولكن طرأت على إيمانهم بالله نزغات الوثنية، وأضاعوا لباب ما أنزل على الأنبياء وهو الإخلاص والتوحيد وتزكية النفس والتأليف بين الناس، وتمسكوا بالقشور وهي رسوم العبادات الظاهرة، ونقصوا منها وزادوا عليها ما يبعد كلا منهم عن الآخر، ويزيد في عداوته وبغضائه له، ففسقوا عن مقصد الدين من حيث يدعون العمل بالدين، فلما بين الله لنا حقيقة دين الأنبياء وأنه واحد لا خلاف فيه ولا تفريق، وأن هؤلاء الذين يدعون اتباع الأنبياء قد ضلوا عنه فوقعوا في الخلاف والشقاق، أمرنا
سبحانه
وتعالى
أن ندعوهم إلى الإيمان الصحيح بالله وبما أنزل على النبيين والمرسلين بأن يؤمنوا بمثل ما نؤمن نحن به لا بما هم عليه من ادعاء حلول الله في بعض البشر، وكون رسولهم إلها أو ابن الله، ومن التفرق والشقاق لأجل الخلاف في بعض الرسوم والتقاليد، فالذي يؤمنون به في الله ليس مثل الذي نؤمن به، فنحن نؤمن بالتنزيه، وهم يؤمنون بالتشبيه، وعلى ذلك القياس، فلو قال: فإن آمنوا بالله وبما أنزل على أولئك النبيين وما أوتوه، فقد اهتدوا لكان لهم أن يجادلونا بقولهم: إننا نحن المؤمنون بذلك دونكم، ولفظ "مثل" هو الذي يقطع عرق الجدل.
على أن المساواة في الإيمان بين شخصين بحيث يكون إيمان أحدهما كإيمان الآخر في صفته وقوته وانطباقه على المؤمن به، وما يكون في نفس كل منهما من متعلق الإيمان يكاد يكون محالا، فكيف يتساوى إيمان أمم وشعوب كثيرة، مع الخلاف العظيم في طرق التعليم والتربية والفهم والإدراك؟ ولو كانت القراءة: فإن آمنوا بما آمنتم به - كما روي عن ابن عباس في الشواذ - لكان الأولى أن يقدر المثل، فكيف نقول وقد ورد لفظ مثل متواترا: إنه زائد؟.
{وإن تولوا} أي أعرضوا عما تدعوهم إليه من الرجوع إلى أصل دين الأنبياء ولبابه بإيمان كإيمانكم {فإنما هم في شقاق} أي إن أمرهم محصور في العداوة والمشاقة، أي الإيذاء والإيقاع في المشقة، أو شق العصا بتحري الخلاف والتعصب لما يفصلهم ويبينهم منكم {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} أي يكفيك إيذاءهم ومكرهم السيئ ويؤيد دعوتك، وينصر أمتك؛ فهذا الوعد بالكفاية عام للمؤمنين، وإن كان الخطاب خاصا، فإن أهل الكتاب وغيرهم ما شاقوا النبي لذاته وما كان لهم حظ في مقاومة شخصه، فالإيذاء كان متوجها إليه من حيث هو نبي يدعو إلى دين غير ما كانوا عليه، وقد أنجز الله وعده للنبي والمؤمنين عندما كانوا على ذلك الإيمان وكان الناس يقاومونهم لأجله، فلما انحرفوا من بعدهم عنه خرجوا عن الوعد، ولو عاد لعاد الله عليهم بالكفاية والنصر
{ ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز }
[الحج: 40].
{صبغة الله} أي صبغنا بما ذكر من ملة إبراهيم صبغة الله وفطرته فطرنا عليها، وهي ما صبغ الله به أنبياءه ورسله والمؤمنين من عباده على سنة الفطرة، فلا دخل فيها للتقاليد الوضعية ولا لآراء الرؤساء وأهواء الزعماء، وإنما هو من الله - تعالى - بلا واسطة متوسط ولا صنع صانع، والصبغة في أصل اللغة صيغة للهيئة من صبغ الثوب إذا لونه بلون خاص {ومن أحسن من الله صبغة} أي لا أحسن من صبغته فهي جماع الخير الذي يؤلف بين الشعوب والقبائل، ويزكي النفوس ويطهر العقول والقلوب. وأما ما أضافه أهل الكتاب إلى الدين من آراء أحبارهم ورهبانهم فهو من الصنعة الإنسانية، والصبغة البشرية قد جعل الدين الواحد مذاهب متفرقة مفرقة، والأمة الواحدة شيعا متنافرة متمزقة {ونحن له} وحده {عابدون} فلا نتخذ أحبارنا وعلماءنا أربابا يزيدون في ديننا وينقصون، ويحلون لنا بآرائهم ويحرمون، ويمحون من نفوسنا صبغة الله الموجبة للتوحيد، ويثبتون مكانها صبغة البشر القاضية بالشرك والتنديد.
قال الأستاذ الإمام: والآية تشير إلى أنه لا حاجة في الإسلام إلى تمييز المسلم من غيره بأعمال صناعية كالمعمودية عند النصارى مثلا، وإنما المدار فيه على ما صبغ الله به الفطرة السليمة من الإخلاص وحب الخير والاعتدال، والقصد في الأمور
{ فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
[الروم: 30]:
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2023 © جميع الحقوق محفوظة